للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأن الخالق المدبر الفعال لما يريد هو الله عَزَّ وَجَلَّ وحده وهو الذي إذا دعاه الداعي استقبل السماء كما أنه إذا صلى المصلي استقبل الكعبة وليس ذلك لأنه منحصر في السماء كما أنه ليس منحصرًا في جهة الكعبة بل ذلك لأن السماء قبلة الداعين كما أن الكعبة قبلة المصلين.

أو هي من عبدة الأوثان التي بين أيديهم فلما قالت في السماء علم أنها موحدة وليست عابدة للأوثان اهـ ملخصًا

(وقال) المازري أراد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم معرفة ما يدلّ على إيمانها لأن معبودات الكفار من صنم ونار بالأرض وكل منهم يسأل حاجته من معبوده والسماء قبلة دعاء الموحدين فأراد كشف معتقدها وخاطبها بما تفهم فأشارت إلى الجهة التي يقصدها الموحدون ولا يدلّ ذلك على جهته ولا انحصاره في السماء كما لا يدلّ التوجه إلى القبلة على انحصاره في الكعبة اهـ

(وقيل) إنما سألها بأين عما تعتقده من عظمة الله تعالى. وإشارتها إلى السماء إخبار عن جلاله جلّ وعزّ في نفسها وأنه في المنزلة العليا من التنزّه عن الحوادث وصفاتها وليست هي كأهل الشرك في عبادتهم لما لا عظمة له وإنما هو جماد يصنع باليد لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى شيئًا

(وفي هذا) كله صرف للفظ أين عما هي له فإنها موضوعة للاستفهام عن المكان وهي مصروفة عن ظاهرها باتفاق السلف والخلف لقوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) إلا أن السلف قالوا نؤمن به وبمثله من المتشابه من غير خوض في معناه مع اعتقاد أن الله ليس كمثله شيء وهو أسلم وهو مذهبنا (وأما) الخلف فأوّلوه بما تقدم

(قوله أعتقها فإنها مؤمنة) أمره صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعتقها بعد تبين إيمانها دليل على أن عتق المؤمن أفضل من عتق الكافر تطوعًا لا لأن عتق الكافر لا يصح تطوعًا فإنهم قد اتفقوا على صحته واتفقوا على أنه لا يصح عتق الكافر في كفارة القتل

(واختلفوا) في عتقه في كفارة الظهار والأيمان وتعمد الفطر في رمضان فمنعه مالك والشافعي وأجازه الكوفيون وسيأتي تمام الكلام عليه في كتاب الصيام إن شاء الله تعالى

(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن تشميت العاطس من الكلام الذي لا يجوز في الصلاة وعلى أن العمل القليل فيها لا يبطلها، وعلى ما كان عليه الرسول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من عظيم الخلق ورفقه بالجاهل وشفقته على الأمة، وعلى تحريم الكلام في الصلاة. وتقدّم تمام الكلام عليه في باب العمل في الصلاة، وعلى تحريم إتيان الكهان، وعلى منع التطير والتشاؤم بالأشياء، وعلى منع التخطيط المسمى بضرب الرمل، وعلى جواز استخدام السيد جاريته في الرعى، وعلى الترغيب في الرأفة بالخدم والتنفير من إهانتهم، وعلى طلب تعظيم المؤمن وإكرامه والإحسان إليه

(والحديث) أخرجه مسلم والنسائي والبيهقي والطبراني وابن أبي شيبة وأحمد

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ النَّسَائِيُّ نَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو نَا فُلَيْحٌ عَنْ هِلاَلِ بْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>