كان يتوضأ وضوءا كاملا وأحيانا يؤخر غسل رجليه وبحسب اختلاف هاتين الحالتين اختلف العلماء (فذهب) الجمهور إلى استحباب تأخير غسل الرجلين في الغسل (وذهب) أبو حنيفة وأصحابه إلى أن الأفضل إكمال الوضوء أوّلا إن كان يغتسل في محل لا يجتمع فيه الماء وتأخير غسل القدمين إن كان يغتسل في نحو طست (وعن مالك) إن كان المكان غير نظيف فالمستحب تأخير غسلهما وإلا فالتقديم (وعند) الشافعية في الأفضل قولان أصحهما وأشهرهما أنه يكمل وضوءه لأن أكثر الروايات عن عائشة وميمونة كذلك قاله النووى (قال) الحافظ في الفتح وليس في شيء من الروايات عنهما التصريح بذلك "يعنى بإكمال الوضوء أول الغسل" بل هي إما محتملة كرواية توضأ وضوءه للصلاة أو ظاهرة في تأخيرهما كرواية أبى معاوية المتقدمة ويوافقها أكثر الروايات عن ميمونة أو صريحة في تأخيرهما بحديث الباب "يعنى حديث توضأ رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وضوءه للصلاة غير رجليه" وراويه مقدّم في الحفظ والفقه على جميع من رواه عن الأعمش (وقول) من قال إنما فعل ذلك مرة لبيان الجواز (متعقب) فإن في رواية أحمد عن أبي معاوية عن الأعمش ما يدلّ على المواظبة ولفظه كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه فذكر الحديث وفي آخره ثم يتنحى فيغسل رجليه اهـ
(قوله فناولته المنديل فلم يأخذه) وفي رواية للبخارى فناولته خرقة فقال بيده هكذا ولم يردها بضم المثناة التحتية من الإرادة. وفي رواية لمسلم ثم أتيته بالمنديل فردّه، والمنديل بكسر الميم مشتقّ من ندلت الشئ ندلا من باب قتل إذا جذبته أو أخرجته ونقلته. وهو مذكر ولا يجوز تأنيثه فلا يقال منديل حسنة (وبهذا الحديث) استدلّ من قال بكراهة التنشيف في الغسل والوضوء منهم جابر بن عبد الله وابن أبي ليلى وسعيد بن المسيب لكن لا حجة لهم فيه لأنها واقعة حال يتطرّق إليها الاحتمال فيجوز أن يكون عدم الأخذ لأمر آخر لا يتعلق بكراهة التنشيف واستدلوا على الكراهة أيضا بحديث أنس رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُأن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى له وسلم لم يكن يمسح وجهه بالمنديل بعد الوضوء ولا أبو بكر ولا عليّ ولا عمر ولا ابن مسعود أخرجه ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ، وفيه سعيد بن ميسرة البصرى قال البخارى منكر الحديث وقال ابن حبان يروى الموضوعات، وإن صح فليس فيه نهيه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وغاية ما فيه أن أنسا لم يثبت عنده ذلك وهو غير مستلزم للنهى (وذهب) إلى إباحة التنشيف بعد الغسل والوضوء عثمان بن عفان والحسن بن على وأنس بن مالك والحسن البصرى وأبو حنيفة ومالك وأحمد، واحتجوا بحديث سلمان الفارسى أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم توضأ فقلب جبة صوف كانت عليه فمسح بها وجهه أخرجه ابن ماجه، وبحديث عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا قالت كان لرسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خرقة يتنشف بها بعدا لوضوء رواه الترمذى وقال ليس بالقائم وروى أيضا عن معاذ قال رأيت النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا توضأ مسح