(قوله السنة على المعتكف ألا يعود مريضا ولا يشهد جنازة) قال الخطابي: أرادت بقولها لا يعود مريضا أي لا يخرج من معتكفه قاصدا عيادته ويضيق عليه أن يمر به فيسأل عنه غير معرج عليه كما ذكرته عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في حديث القاسم بن محمد اهـ بتصرف. وبظاهره أخذ مالك وقال لا يجوز للمعتكف أن يخرج لعيادة المريض ولا لتشييع الجنازة ولا للصلاة عليها ولو تعينت، فإن خرج بطل اعتكافه. ولو مرض أحد أبويه أو هما خرج وبطل اعتكافه ولا إثم عليه، لأن في عدم خروجه عقوقا. أما جنازتهما معا فلا يخرج على مشهور المذهب بخلاف جنازة أحدهما فيخرج لئلا يكون عدم خروجه عقوقا للحي منهما. وهو قول عطاء والزهري وعروة ومجاهد وفرّقت الحنفية بين الاعتكاف المستحب والمسنون والواجب ففي الأخيرين يحرم الخروج من معتكفه ليلا أو نهارا إلا لحاجة "شرعية" كصلاة جمعة وعيد أو "طبيعية" كالطهارة ومقدّماتها من البول والغائط وإزالة نجاسة واغتسال من جنابة باحتلام أو "لحاجة ضرورية" كانهدام المسجد وإخراج ظالم كرها وخوف على نفسه أو ماله من ظالم فلا يفسد اعتكافه ولا يحرم عليه الخروج (أما) لو خرج لعيادة مريض أو شهود جنازة وإن تعينت عليه أو لإنقاذ غريق أو حريق أو جهاد تعين عليه فإنه يفسد اعتكافه ولا إثم عليه (أما) الاعتكاف المستحب فهو غير مقدَّر بمدَّة. فمن دخل المسجد ناويا الاعتكاف فهو معتكف مدّة وجوده في المسجد تاركا له إذا خرج. وفرقت الشافعية بين المنذور وغيره فالمنذور لا يجوز الخروج منه إلا لحاجة ضرورية كالأكل والبول والغائط فلا يجوز الخروج منه لعيادة المريض وشهود جنازة لم تتعين عليه، فإن تعينت خرج. وإذا خرج لما يجوز له الخروج فسأل في طريقه عن المريض ولم يعرج عليه لا ينقطع اعتكافه المنذور. أما غير المنذور فيجوز الخروج منه لعيادة المريض ونحوها (وقالت) الحنابلة إذا كان الاعتكاف واجبا لا يخرج لعيادة مريض ولا جنازة ولا غيرهما إلا إن شرط ذلك فيجوز. وإن كان غير واجب جاز له الخروج لأن كل واحد منهما تطوع. والأفضل المقام على اعتكافه، لأن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يكن يعرج على المريض ولم يكن واجبا عليه. وإن خرج لما لا بد منه فسأل عن المريض في طريقه ولم يعرج جاز لأن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فعل ذلك (قال) في المغنى إذا وقعت فتنة خاف منها على نفسه إن قعد في المسجد أو على ماله نهبا أو حريقها فله ترك الاعتكاف والخروج، لأن هذا مما أباح الله تعالى لأجله ترك الواجب بأصل الشرع وهو