للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ فَنَزَلَ فَأَخَذَهُمَا فَصَعِدَ بِهِمَا الْمِنْبَرَ ثُمَّ قَالَ "صَدَقَ الله {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ} رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ". ثُمَّ أَخَذَ في الْخُطْبَةِ.

(ش) (رجال الحديث) (حسين بن واقد) المروزي أبو عبد الله. روى عن ثابت البناني وعبد الله بن بريدة وأبي إسحاق السبيعي وعمرو بن دينار وآخرين, وعنه الأعمش والفضل بن موسى وعلى بن المبارك وجماعة. وثقة ابن معين وقال النسائي وأبو زرعة لا بأس به وقال ابن حبان من خيار الناس وربما أخطأ وقال الساجي فيه نظر وهو صدوق يهم وقال في التقريب ثقة له أوهام من السابعة وقال ابن سعد كان حسن الحديث وقال أحمد أحاديثه لا أدري أيش هي. توفي سنة سبع وخمسين ومائة. روى له مسلم وأبو داود والنسائي والبخاري في التاريخ

(معنى الحديث)

(قوله يعثران) مضارع عثر من باب قتل وضرب والمراد أنهما يسقطان على الأرض لصغرهما. وفي رواية يمشيان ويعثران وفي رواية النسائي عليهما قميصان أحمران يعثران فيهما

(قوله فصعد بهما) وفي نسخة فصعد بهما المنبر. وفي رواية أحمد فحملهما فوضعهما بين يديه. وفي رواية النسائي فحملهما ثم عاد إلى المنبر. ورفعهما عنده ليكون لهما الرفعة عند الله وعند خلقه

(قوله إنما أموالكم وأولادكم فتنة) شاغلة لكم عن أمور الآخرة. وكانت فتنة لأنها اختبار من الله تعالى لعبادة ليظهر من يشغله ذلك عن الطاعة فتكون نقمة عليه ممن لا يشغله فتكون له نعمة فمن رجع إلى الله تعالى ولم يشتغل بماله وولده وجاهد نفسه فقد فاز ومن اشتغل بهما فقد هلك (وهو) صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم معصوم من الاشتغال بغير الله تعالى فيكون المراد بالفتنة هنا مجرّد ميل لم يشغله عن الله تعالى

(قوله رأيت هذين فلم أصبر الخ) وفي رواية النسائي رأيت هذين يعثران في قميصيهما فلم أصبر حتى قطعت كلامي. ولم يصبر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لأثر الرحمة والرقة في القلب (وفي هذا دلالة) على جواز فصل الخطبة بعضها عن بعض بكلام ليس من جنسها وهو محمول على ما إذا كان الفصل يسيرًا (وبه قالت) المالكة والحنابلة (وقالت الحنفية) يكره الكلام في الخطبة ولا يفسدها (وللشافعية) قولان أظهرهما اشتراط الموالاة بين أجزاء الخطبة ولا يحرم كلام الخطيب فيها إذا كان لهم كإنقاذ أعمي فإن كان لغير مهم فقيل بالحرمة وقيل بالكراهة. وهذا الخلاف ما لم يكن الكلام أمرًا أو نهيًا أولم يكن لضرورة وإلا جاز اتفاقًا (ومنه ما رواه) مسلم والبيهقي من طريق حميد بن هلال عن أبي رفاعة العدوي قال انتهيت إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو يخطب فقلت يا رسول الله -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه فأقبل إليّ وترك خطبته فأتى

<<  <  ج: ص:  >  >>