الخلاف في السير أمامها أو خلفها إنما هو في الأفضل وإلا فالكل جائز والأمر فيه سعة، وقد أرشد إلى ذلك النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كما في الحديث. وقال ابن حزم حكم تشيع الجنازة أن يكون الركبان خلفها وأن يكون الماشي حيث شاء عن يمينها وشمالها وأمامها وخلفها وأحب ذلك إلينا خلفها
(قوله قريبًا منها) بالنصب حال من فاعل يمشي وفي نسخة قريب بالرفع بتقدير مبتدأ أي وهو قريب
(قوله والسقط يصلي عليه الخ) السقط مثلث السين، والكسر أشهر وهو الولد الذي يسقط من بطن أمه قبل تمام مدة حمله. وفي هذا دلالة على مشروعية الصلاة على السقط مطلقًا استهل أم لا. وبه قال أحمد وداود وهو المروي عن ابن عمر وابن المسيب وابن سيرين. وقال أبو حنيفة وأصحابه ومالك والأوزاعي والنسائي يصلى عليه إذا استهل أما إذا لم يستهل فلا.
لما رواه الترمذي من طريق إسماعيل بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال "الطفل لا يصلى عليه ولا يرث ولا يورث حتى يستهل" والاستهلال رفع الصبي صوته، والمراد به هنا ما يدل على تحقيق حياته بعد النزول كالصياح أو العطاس أو حركة يعلم بها حياته، وفي إسناده إسماعيل بن مسلم المكي وفيه مقال، لكنه روى من طرق أخرى تقوية. فقد رواه النسائي وابن حبان والحاكم من طريق إسحاق الأزرق عن سفيان الثوري عن أبي الزبير. ورواه الحاكم أيضًا من طريق المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير ورواه ابن ماجه عن الربيع بن بدر عن أبي الزبير عن جابر مرفوعًا بلفظ "إذا استهل الصبيّ صلى عليه وورث" فرواية الباب مطلقة تقيد بما في هذه الروايات من الاستهلال. ومحل الخلاف في السقط الذي بلغ أربعة أشهر فأكثر ولم يستهل، أما الذي لم يبلغ أربعة أشهر فلا يصلى عليه ولا نعلم فيه خلافًا إلا ما روي عن ابن سيرين من أنه يصلى عليه إذا علم أنه نفخ فيه الروح، وما حكي عن ابن أبي موسى أنه يصلى عليه إذا استبان فيه بعض خلق الإنسان
(فقه الحديث) دل الحديث على أن الأفضل للراكب مع الجنازة أن يسير خلفها وعلى أن الماشي يسير معها حيث شاء. وعلى أن السقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة
(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد والنسائي وابن حبان والحاكم وصححاه والبيهقي والترمذي وقال حسن صحيح