للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى آله وسلم إذ بصر بامرأة لا تظن أنه عرفها, فلما توسط الطريق وقف حتى انتهيت إليه فإذا هي فاطمة بنت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

(قوله فرحمت إليهم ميتهم الخ) أي دعوت له بالرحمة وسيلت أهله بالصبر, فأوفى قوله أو عزيتهم بمعنى الواو كما في رواية النسائي

(قوله فلعلك بلغت معهم الكدى) يعني القبور كما ذكر بعد والكدى بضم الكاف جمع كدية, وهي في الأصل القطعه الصلبة من الأرض سميت قبورهم بها لأنها كانت تحفر في المواضع الصلبة خشيه السقوط

(قوله وقد سمعتك تذكر فيها ما تذكر) تعنى الوعيد الذي ذكره في زيارة النساء القبور كما سيأتي عن ابن عباس مرفوعًا (لعن رسول الله زائرات القبور)

(قوله فذكر تشديدًا في ذلك) يعني في زيارة النساء القبور وقد صرح به عند النسائي ففيه فقال لو بلغتيها معهم ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك. والمعنى أنها لو ذهبت معهم إلى المقابر ما رأت الجنة أبدًا على حد قوله تعالى "ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط" وذهاب النساء إلى القبور ليس كفرًا بالاتفاق فالمراد التغليط والتشديد في ذلك, أو يقال أنها لو ذهبت إلى المقابر لأفضى بها ذلك إلى معصية أخرى وهكذا إلى أن يصل بها الأمر إلى الكفر فلا ترى الجنة أصلًا أعاذها الله من ذلك.

وهذا بناء على القول بأن أهل الفترة غير ناجين, أما على القول بنجاتهم فيكون المعنى أن عبد المطلب لا يدخل الجنة مع السابقين بل يتقدم ذلك عذاب أو شدّة, فلو بلغت معهم المقابر لتأخرت عن رؤية الجنة ودخولها إلى أن يدخلها جد أبيها عبد المطلب

(فقه الحديث) دل الحديث على استحباب الذهاب مع الميت إلى القبر والوقوف عنده إلى دفنه. وعلى جواز خروج المرأة إلى تعزية جيرانها وصواحباتها. وعلى عدم جواز ذهاب المرأة إلى القبر. وعلى مشروعية التعزية.

وقد جاء في فضل التعزية والترغيب فيها أحاديث. منها ما أخرجه ابن ماجه من حديث عبد الله بن محمَّد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال "ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله عَزَّ وَجَلَّ من حلل الكرامة يوم القيامة"

ومنها ما أخرجه هو والترمذي والحاكم عن الأسود عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال "من عزى مصابًا فله مثل أجره" قال الترمذي غريب لا نعرفه إلا من حديث علي بن عاصم. ويذكر المعزي للمصاب ما يحمله على الصبر والرضا بالقضاء ولم يحد النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في ذلك حدًا وقد ورد عنه في ذلك ألفاظ.

منها ما أخرجه البخاري ومسلم ويأتي للمصنف في "باب البكاء على الميت" من حديث أسامة بن زيد أن ابنة لرسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أرسلت إليه وأنا معه وسعد وأحسب أبيًا أن ابني أو ابنتي قد حضر فاشهدنا الحديث.

ومنها ما رواه الحاكم وابن مردويه عن معاذ بن جبل ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كتب إليه يعزيه في ابن له

<<  <  ج: ص:  >  >>