النوم قبل أن يغسلها (وقد) اختلف في هذا النهى فالجماهير من العلماء المتقدمين والمتأخرين على أنه نهى تنزيه فلو خالف وغمس لم يفسد الماء ولم يأثم الغامس (وحكي) عن الحسن البصرى وإسحاق ابن راهويه ومحمد بن جرير الطبرى أنه ينجس إن قام من نوم الليل مستدلين بما ورد من الأمر بإراقة الماء في قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإن غمس يده في الإناء قبل أن يغسلها فليرق ذلك الماء أخرجه ابن عدىّ وقال هذه الزيادة منكرة لم تحفظ (ومنه) تعلم أن ما ذهبوا إليه من تنجس الماء ضعيف لضعف ما استندوا إليه ولأن الأصل في الماء واليد الطهارة فلا ينجس بالشك، وقواعد الشرع متظاهرة على هذا، والمحققون على أن هذا الحكم ليس مخصوصا بالقيام من النوم بل المعتبر فيه الشك في نجاسة اليد فمتى شك في نجاستها كره له غمسها في الإناء قبل غسلها سواء قام من الليل أو النهار أو شكّ في نجاستها من غير نوم وهذا مذهب جمهور العلماء (وحكي) عن أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى رواية أنه إن قام من نوم الليل كره كراهة تحريم وإن قام من نوم النهار كره كراهة تنزيه، ووافقه عليه داود الظاهرى اعتمادا على لفظ المبيت في الحديث وهو ضعيف فإن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نبه على العلة بقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإنه لا يدرى أين باتت يده، ومعناه أنه لا يأمن النجاسة على يده، وهذا عام لوجود احتمال النجاسة في نوم الليل والنهار وفي اليقظة، وذكر الليل لكونه الغالب ولم يقتصر عليه خوفا من توهم أنه مخصوص به بل ذكر العلة بعده (قال) الشافعى رحمه الله تعالى وأحب لكل مستيقظ من النوم قائلة كانت أو غيرها أن لا يدخل يده في وضوئه حتى يغسلها فإن أدخل يده قبل أن يغسلها كرهت ذلك له ولم يفسد ذلك الماء إذا لم يكن على يده نجاسة اهـ هذا كله إذا شك في نجاسة اليد أما إذا تيقن طهارتها وأراد غمسها قبل غسلها فقد قال جماعة حكمه حكم الشك لأن أسباب النجاسة قد تخفى في حق معظم الناس فسدّ الباب لئلا يتساهل فيه من لا يعرف (والأصح) الذى ذهب إليه الجماهير من العلماء أنه لا كراهة فيه بل هو في خيار بين الغمس أولا والغسل لأن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ذكر النوم ونبه على العلة وهي الشك فإذا انتفت العلة انتفت الكراهة ولو كان النهى عاما لقال إذا أراد أحدكم استعمال الماء لا يغمس يده حتى يغسلها وكان أعمّ وأحسن (فتحصل) من هذا أن غسل اليد عند الاستيقاظ من النوم وإرادة الوضوء فيه خلاف فقال أحمد وأصحابه بوجوبه (قال) في الإقناع وشرحه في صفة الوضوء (ثم يغسل كفيه ثلاثا ولو تيفن طهارتهما وهو سنة لغير قائم من نوم ليل ناقض لوضوء) بأن لم يكن نائما أو كان نائما بالنهار أو بالليل نوما لا ينقض الوضوء كاليسير من جالس وقائم (فإن كان) قائما (منه) أي من نوم الليل الناقض للوضوء (فـ) غسلهما ثلاثا (واجب تعبدا) ولو باتتا مكتوفتين أو في جراب