فكان حكمهما حكم السوءتين (والثاني) قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء وقال إذا كان واسعا فخالف بين طرفيه. والسرّ فيه أن العرب والعجم وسائر أهل الأمزجة المعتدلة إنما تمام هيئتهم وكمال زيهم على اختلاف أوضاعهم في لباس القباء والقميص والحلة وغيرها أن يستر العاتقان والظهر. وسئل النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن الصلاة في ثوب واحد فقال أولكلكم ثوبان ثم سئل عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فقال إذا وسع الله فوسعوا جمع رجل "الحديث" اهـ وهو جمع رجل عليه ثيابه صلى رجل في إزار ورداء في إزار وقميص في إزار وقباء في سراويل ورداء في سراويل وقميص في سراويل وقباء في تبان وقباء في تبان وقيص قال "أى أبو هريرة" وأحسبه قال في تبان ورداء رواه البخارى. والتبان بالضم والتشديد سراويل صغيرة مقدار شبر تستر العورة المغلظة
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى ومسلم والنسائى ورواه البيهقي من طريق إسحاق بن إبراهيم أنبأ سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لا يصلينّ أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شئ
(قوله فليخالف بطرفيه على عاتقيه) أى يجعل طرفه الأيمن على عاتقه الأيسر وطرفه الأيسر على عاتقه الأيمن. والعاتق ما بين المنكب والعنق موضع الرداء يذكر ويؤنث وجمعه عواتق. وأمر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بذلك ليستتر أعالى البدن التي هي من مواضع الزينة ولئلا ينظر المصلى إلى عورته إذا ركع أو يسقط عنه الثوب إذا ركع أو سجد. وهذا الأمر عند الجمهور للندب وعند أحمد للوجوب
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى وأحمد وأبو نعيم