فإنه يدلّ على أنها قد ارتفعت كثيرا فكيف يكون انتقالهم لارتفاعها. ويرده أيضا قوله في حديث عمران بن حصين فما أيقظنا إلا حرّ الشمس ولا يكون ذلك إلا بعد ارتفاعها. ومما يبين فساد هذا التأويل قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إن هذا واد به شيطان فجعل ذلك علة في خروجهم عن الوادى واقتيادهم رواحلهم شيئا ولو كان طلوع الشمس مانعا من الصلاة وموجبا للاقتياد لعلل به
(قوله فأقام لهم الصلاة) فيه دلالة على أن الفائتة يقام لها وليس لها أذان وبه أخذ مالك والشافعى في الجديد والأوزاعي مستدلين أيضا بما رواه الشافعى وأحمد عن أبى سعيد الخدرى قال حبسنا يوم الخندق حتى ذهب هويّ من الليل فدعا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بلالا فأقام الظهر فصلاها كما كان يصلى في وقتها ثم أقام العصر فصلاها كذلك ثم أقام المغرب فصلاها كذلك ثم أقام العشاء فصلاها كذلك. وقالوا إن الأذان إنما هو إعلام بدخول الوقت ودعاء للناس إلى الجماعة ووقت القضاء ليس وقت إعلام بدخول الوقت ولا دعاء للجماعة ولأن في الأذان في غير أوقات الصلاة تخليطا على الناس وإذا اختصّ بأوقات الصلاة لم يكن مشروعا في الفوائت لأنها لا تختصّ بوقت كالنوافل "وما ورد" في بعض الروايات من أنه أذن فهو محمول على الإعلام بالصلاة لا الألفاظ المخصوصة في الإعلام بدخول الوقت (وذهب) أبو حنيفة وأحمد وأبو ثور والشافعى في القديم وعليه عمل أصحابه إلى أنه يؤذن للفائتة ويقام لها مستدلين بما في الصحيحين في هذه القصة من قوله ثم أذن بلال بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ركعتين ثم صلى صلاة الغدوة فصنع كما كان يصنع كل يوم. وقالوا إن قوله في الحديث ثم صلى ركعتين الخ يفيد أن المراد بالأذان حقيقته لا الإقامة. واستدلوا أيضا بما سيأتى عن عمران بن حصين وعمرو بن أمية من أنه جمع بين الأذان والإقامة (وأجابوا) عن حديث الباب ونحوه مما لم يذكر فيه الأذان بأنه أقام الصلاة بعد أن أذن. أو أنه ترك الأذان لبيان الجواز. وعن حديث الخندق بأنه لا يعارض الأحاديث التى جمع فيها بين الأذان والإقامة لأنها أصح منه ومتأخرة عنه. على أنه قد جاء في بعض الروايات في قصة الخندق أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمر بلالا فأذن ثم أقام (أقول) دعوى أن الأذان حقّ للوقت ودعاء للناس إلى الجماعة غير مسلمة فقد نص الكتاب على أن الأذان للصلاة قال الله تعالى "إذا نودى للصلاة" وقال تعالى "وإذا ناديتم إلى الصلاة" ولذا أمر النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالأذان للفائتة كما تقدم وقد أمر النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم المنفرد بالأذان "فعن" عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أن أبا سعيد الخدرى قال له إنى أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جنّ ولا إنس ولا شيء إلا يشهد له يوم القيامة قال أبو سعيد سمعته من