للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخرج إليه محمد بن الأشعث في أناس منهم فقالوا: إن الأمير قد ذكرك واستبطأك فانطلق إليه فركب معهم حتّى دخل علي ابن زياد وعنده شريح القاضي، فلما سلم على ابن زياد قال: يا هانئ أين مسلم بن عقيل؟ فقال لا أدري.

فأخرج إليه المولى الذي دفع الدراهم إلى مسلم فلما رآه سقط في يده، قال: والله ما دعوته إلى منزلي، فقال ائتني به، فقال والله لو كان تحت قدمي ما رفعته عنه فاستدناه ابن زياد فأدني منه فضبه بالقضيب علي حاجبه فأهوى هانئ إلى سيف شرطيّ ليستله فدفع عنه، وأمر ابن زياد بحبسه فبلغ الخبر قومه واجتمعوا علي باب القصر فسمع ابن زياد جلبتهم، فقال لشريح أخرج إليهم فأعلمهم أني ما حبسته إلا لأسأله عن مسلم ولا بأس عليه مني فبلغهم، شريح ذلك فتفرقوا، ولما وصل مسلمًا الخبر نادى بشعاره فاجتمع إليه أربعون ألفًا من أهل الكوفة وهيأهم وسار بهم إلى ابن زياد، وقد بعث هذا إلى وجوه أهل الكوفة وجمعهم عنده في القصر، ولما انتهى مسلم بحيشه إلى باب القصر أمر ابن زياد كل واحد من الوجوه أن يشرف على عشيرته فيردهم فكلموهم فجعلوا يتسللون حتى أمسى مسلم في خمسمائة نفر، ولما اختلط الظلام ذهبوا، فلما بقي مسلم وحده تردد في الطرق ليلًا فأتى باب امرأة فقال لها اسقيني فسقته واستمر قائمًا، فقالت ياعبد الله إنك مرتاب فما شأنك؟ قال أنا مسلم بن عقيل، فهل عندك مأوى؟ قالت نعم ادخل فدخل وكان لها غلام مولى لمحمد بن الأشعث فانطلق إلى مولاه فأخبره فبعث ابن زياد صاحب شرطته ومعه ابن الأشعث فلم يعلم مسلم حتى أحيط بالدار فقام بسيفه يقاتلهم فأعطاه ابن الأشعث الأمان فاستسلم له فجاء به إلى ابن زياد فضرب عنقه وعنق هانئ بن عروة وأمر بصلبهما.

ولم يبلغ الحسين حتى كان بينه وبين القادسية ثلاثة أميال، فلقيه الحرّ بن زيد التميمي فقال له ارجع فإني لم أدع لك خلفي خيرًا واخبره الخبر، فهم أن يرجع وكان معه إخوة مسلم فقالوا والله لا نرجع حتى نأخذ بثأرنا أو نقتل، فقال الحسين رضي الله عنه: لا خير في الحياة بعدكم، فساروا فلقيته أول خيل ابن زياد، فلما رأى ذلك عدل إلى كربلاء وكان معه خمسة وأربعون فارسًا ونحو مائة راجل، فأتاه جيش ابن زياد وعليه عمر بن سعد ابن أبي وقاص، فلما التقيا قال له الحسين رضي الله عنه: اختر منى واحدة من ثلاث.

إما أن ألحق بثغر من الثغور، وإما أن أرجع إلى المدينة، وإما أن أذهب إلى يزيد بن معاوية، فكتب عمر بذلك إلى ابن زياد، فقال لا أقبل منه حتى يضع يده في يدى فامتنع الحسين رضي الله عنه فقاتلوه حتى قتل جميع أصحابه وفيهم سبعة عشر شابًا من أهل بيته، ثم قتل رضي الله تعالى عنه وأتي برأسه إلى ابن زياد فأرسله ومن بقي من أهل بيته إلى بن يزيد بن معاوية، فلما قدموا علي يزيد جهزهم إلى المدينة.

قال خلف بن خليفة لما قتل الحسين رضي الله عنه اسودت السماء وظهرت الكواكب نهارًا. وقال الوليد بن عبد الملك وكان في مجلسه الزهري أيكم يعلم ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين رضي الله عنه؟

<<  <  ج: ص:  >  >>