للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيوت البلد التى سافر منها. وبه قال الحسن البصرى حتى إنه قال: يفطر في بيته إن شاء يوم يريد أن يخرج. وروى نحوه عن عطاء، وعمل به أنس كما رواه الترمذي عن محمد بن كعب قال: أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفرا وقد رحلت له راحلته ولبس ثياب السفر فدعا بطعام فأكل. فقلت له سنة؟ فقال سنة ثم ركب (وقال) عامة أهل العلم لا يفطر حتى يجاوز البيوت. ويجاب عن حديث الباب بأنه ليس نصًا في عدم مجاوزتهم البيوت، لجواز أن يكون فطرهم بعد مجاوزتهم لها، وإن كانت لم تغب عن أبصارهم. وهو ظاهر ما فى رواية احمد من قوله ما تغيب عنا منازلنا بعد. وقوله في الحديث "فلم يجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة" كناية عن شدّة قربهم لها وإن كانوا قد فارقوها (وفيه) دليل على أنه يجوز لمن بيت نية الصوم ثم سافر نهارًا أن يفطر. وقالت الحنفية لا يجوز له ذلك. وأما من نوى الصوم وهو مقيم ثم سافر في أثناء النهار فليس له أن يفطر عند الجمهور ومنهم الحنفية. وقال أحمد وإسحاق والشعبى يجوز له الفطر واختاره المزنى. وحكى عن أنس بن مالك. قال الخطابي: وشبهوه بمن أصبح صائما ثم مرض في يومه، فإن له أن يفطر للمرض، قالوا وكذلك من أصبح صائما ثم سافر لأن كل واحد من الأمرين "المرض والسفر" مرخص حدث في أثناء النهار. قلت السفر لا يشبه المرض لأن السفر من فعله، والمرض يحدث لا باختياره يعذر فيه لا في السفر اهـ بتصرف. وقال في البذل: فهذا الحديث يخالف مذهب الحنفية، وأجابوا عنه أولا أن أبا بصرة رضى الله عنه لعله ثبت عنده أنه يجوز الإفطار سواء كان مسافرا أو مقيما إذا نوى الصوم بالليل بنوع اجتهاد، وإلا فلا نص عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وثانيا أنه يمكن أن يقال إن أبا بصرة كان مقيما فى فسطاطه فخرج منها ليلا قبل الصبح ولم ينو الصوم فصار مسافرا، فجاز له الإفطار لما فارق بيوت مصر من الجهة التى ركب فيها السفينة اهـ بتصرف.

(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد والبيهقى والدارمي

[باب قدر مسيرة ما يفطر فيه]

وفي نسخة "باب مسيرة ما يفطر فيه" وفي أخرى "قدر ما يفطر فيه" والأولى أوضح

(ص) حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ أَنَا اللَّيْثُ يَعْنِى ابْنَ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ عَنْ أَبِى الْخَيْرِ عَنْ مَنْصُورٍ الْكَلْبِىِّ أَنَّ دِحْيَةَ بْنَ خَلِيفَةَ خَرَجَ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ دِمَشْقَ مَرَّةً إِلَى قَدْرِ قَرْيَةِ عُقْبَةَ مِنَ الْفُسْطَاطِ "وَذَلِكَ ثَلاَثَةُ أَمْيَالٍ" فِى رَمَضَانَ, ثُمَّ إِنَّهُ أَفْطَرَ وَأَفْطَرَ مَعَهُ نَاسٌ وَكَرِهَ

<<  <  ج: ص:  >  >>