فى الأسباب أفضل من التوكل مع عدم الأخذ فيها، فقد قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اعقلها وتوكل. رواه الترمذى عن أنس
(قوله {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} أى تزودوا ما يبلغكم لسفركم {فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} أى ما بقى به الإنسان نفسه عن سؤال غيره وعن النهب والغصب. وأمر الله تعالى بذلك ليكف الحاج عن سؤال الناس. قال العوفى عن ابن عباس قال: كان أناس يخرجون من أهليهم ليس معهم زاد يقولون نحج بين الله ولا يطعمنا؟ فقال الله تزودوا ما يكف وجوهكم عن الناس. وذكر ابن جرير أن المراد به زاد الآخرة كما رواه عن نافع عن ابن عمر قال: كانوا إذا أحرموا ومعهم أزودة رموا بها واستأنفوا زادا آخر، فأنزل الله تعالى {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} فنهوا عن ذلك وأمروا أن يتزودوا الكعك والدقيق والسويق. ثم لما أمرهم بالزاد للسفر فى الدنيا أرشدهم إلى زاد الآخرة وهو استصحاب التقوى
(الفقه) دلّ الحديث على أن ترك سؤال الناس من تقوى الله عز وجل. وعلى الترغيب فى التعفف والقناعة بالقليل. وعلى أن التوكل لا يكون مع سؤال الناس. وإنما التوكل على الله التفويض إليه بدون استعانة بأحد غيره (والحديث) أخرجه أيضا البخارى والنسائى وابن المنذر وابن حبان والبيهقى
(قوله {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} الخ) أى ليس عليكم إثم وحرج فى أن تطلبوا فضلا من ربكم أى رزقا منه بالتجارة ونفعا بها
(قوله كانوا لا يتجرون بمنى) أشار به إلى سبب نزول هذه الآية والتقييد بمنى لا مفهوم له. فقد قال ابن عباس كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا فى الجاهلية فتأثموا أن يتجروا فى المواسم فنزلت {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} فى مواسم الحج. رواه البخارى والبيهقى ويأتى للمصنف فى الباب الآتى نحوه. وكانوا يقيمون فى عكاظ عشرين يوما من ذى القعدة. ثم ينتقلون إلى مجنة فيقيمون بها ثمانية عشر يوما: عشرة أيام من آخر ذى القعدة. وثمانية من أول ذى الحجة. ثم