إن لي في الأرض حقًا، فإما أن توصلني إليه أو تحشه لي فهو كثوب رجل وقع في دار رجل، إما أن يأذن له في الدخول ليأخذ الثوب، وإما أن يخرجه إليه. ومعنى الشركة في النار الاصطلاء بها وتجفيف الثياب عليها، لا أخذ الجمر إلا بإذن صاحبه، وفي الماء الشرب وسقي الدواب والاستسقاء من الآبار والحياض والأنهار المملوكة، ولأصحابها منع سقي الدواب إن ترتب عليه ضرر، وليس لغير الملاك سقي أراضيهم ولو بلا ضرر إلا برضا الملاك، وبه قال الشافعي وأبو العباس وأبو طالب وقال الإِمام أحمد والإمام يحيى والمؤيد باللهِ في أحد قوليه وبعض الشافعية إنه مملوك كالماء المحرز. وردّ بأنه بالسيول أشبه منه بالماء المحرز، وحديث الباب وشبهه عام يدل على أن جميع أنواع الماء في ذلك سواء بلا فرق بين المحرز وغيره، لكن المحرز قد أجمع العلماء على أنه مملوك ومن لازم الملك الاختصاص وعدم الاشتراك، وعليه فالعموم المذكور في الأحاديث مخصوص بغير المحرز
(قوله قال الملح) أي لا ينبغي منع ما فضل منه بلا فرق بين ما كان في معدنه وما انفصل عنه لأنه من المعروف الذي يتعاطاه الناس فيما بينهم. وتقدم أنه من الماعون الذي ذم الله تعالى مانعه. وقيل المراد به ما يكون في معدنه غير مملوك لأحد فإنه مشترك بين المسلمين لا يحل لأحد منعه. وأما المملوك بالحيازة فللمالك حق المنع. وقال الروياني ما محصله: إن وجد معدن الملح في ملك أو موات فهو كالماء فيما ذكر اهـ
وكرر الصحابي السؤال رغبة في زيادة البيان واستلذاذًا بمخاطبة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم
(قوله أن تفعل الخير خير لك) أن مصدرية أي فعلك أنواع الخير خير لا ينبغي ترك شيء منه، وهذا من ذكر العام بعد الخاص. وفائدته منع السائل من التمادي في السؤال. والمعنى أن جميع أنواع الخير من المعروف الذى لا يحل منعه فإذا فعلت ذلك يكون خيرًا لك
(فقه الحديث) دل الحديث على الحث على فعل الخير. وعلى الترغيب في التعاون والتحابب ببذل ما اعتيد بذله
(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد والنسائي. وأعلّ بجهالة سيار بن منظور لكن له شواهد. منها حديث الماعون المتقدم عن ابن مسعود، وحديث قرة بن دعموص النميري أنهم وفدوا على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقالوا: يا رسول الله ما تعهد إلينا؟ قال لا تمنعوا الماعون. قالوا يا رسول الله وما الماعون؟ قال الحجر والحديد والماء. قالوا فأيّ الحديد؟ قال قدوركم النحاس وحديد الفأس الذى تمتهنون به. قالوا وما الحجر؟ قال قدوركم الحجارة. أخرجه بن أبي حاتم وهو غريب. ولذا سكت عليه المصنف وأقره ابن المنذر فهو حسن صالح عنده