(قوله أي أسرعوا بالجنارة) أي بالسير بها حال حملها إلى القبر والمراد بالإسراع ما فوق المشي المعتاد ولا يبلغ به حدًا ينشأ عنه حدوث مفسدة بالميت أو حصول مشقة على الحامل أو المشيع. ففي رواية النسائي عن أبي بكرة قال: لقد رأيتنا ونحن مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وإنا لنكاد نرمل بها رملًا. وقال بعضهم المراد الإسراع بتجهيزها إذا تحقق موتها.
والأولى إرادة ما هو أعم من التجهيز والسير كما يشعر بذلك ما أخرجه الطبراني لإسناد حسن من حديث ابن عمر مرفوعًا "إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره" وتحقق الموت يختلف باختلاف الأشخاص: فمنهم من يتحقق موته بعد زمن يسير، ومنهم من لا يتحقق موته إلا بعد مضي نحو يوم وليلة كالمبطون والمفلوج
(قوله فإن تك صالحة الخ) أي إن تكن الجنازة صالحة فأمامها خير تقدمونها إليه وهو ثواب عملها الصالح، وإن تك غير صالحة فهي شر تضعونه عن أعناقكم لأنها بعيدة عن الرحمة فلا خير لكم في مصاحبتها، فالمراد بالجنازة الميت.
وقوله فشر تضعونه الإخبار عن الجنازة غير الصالحة بالشر مبالغة أو الكلام على تقدير مضاف أي فهي ذات شر. وفي الإتيان بضمير المذكور فيه قوله تضعونه عن رقابكم دليل على أن حمل الجنازة يختص بالرجال لأنهم الأحق بذلك
(فقه الحديث) دل الحديث على استحباب الإسراع بالجنازة حال السير معها والمبادرة بدفنها: ونقل ابن قدامة أن الأمر للاستحباب بلا خلاف بين العلماء. وشذ ابن حزم فقال بوجوبه ولا ينافي هذا ما أخرجه البخاري ومسلم عن عطاء قال: حضرنا مع ابن عباس جنازة ميمونة بسرف فقال ابن عباس هذه ميمونة إذا رفعتم نعشها فلا تزعزعوا ولا تزلزلوا. وما جاء عن بعض السلف أنهم كرهوا الإسراع بالجنازة لأنه محمول على الإسراع المفرط الذي يخاف منه انفجارها أو خروج شيء. أو إضرار من يسير معها. وعلى الحث على مصاحبة الصالحين وترك مصاحبة المخالفين
(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي وابن ماجه والترمذي