في ليلة صلاها رسول الله صلى إله تعالى عليه وعلى آله وسلم كلها حتى كان مع الفجر "الحديث" لأن ذلك كان في بعض الأحيان وكان يفعله تعليمًا للأمة وإرشادًا لها إلى سلوك الطريق الأيسر لئلا تملّ النفس وتسأم
(قوله وكان إذا صلى صلاة داوم عليها) أي كان من عادته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا صلى صلاة تطوع واظب عليها فلا يتركها إلا لعذر أولبيان الجواز كما في هاتين الركعتين اللتين صلاهما بعد الوتر
(قوله وكان إذا غلبته عيناه الخ) تعني أنه إذا منعه من قيام الليل غلبة نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة بدلًا مما فاته من قيام الليل وظاهر اقتصاره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على ثنتي عشرة ركعة في القضاء أنه كان إذا طرأ ما يفوّت عليه صلاة الليل بادر بالوتر وأخر غيره
(قوله قال فأتيت ابن عباس الخ) أي قال سعد بن هشام لما سمعت الحديث من عائشة أتيت ابن عباس فحدثته به كما طلبه أولًا فاستحسنه وقال هذا الذي أريد الوقوف عليه ولو كنت أكلمها لذهبت إليها وأخذت عنها الحديث مباشرة. وتقدم أن سبب عدم كلامه إياها انضمامها إلى معاوية في النزاع الذي كان بينه وبين عليّ وقد كان ابن عباس يرى عدم دخولها في هذا النزاع كما رأى ذلك غيره الصحابة "ولا يقال" كيف ترك ابن عباس كلامها وفي الحديث لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام رواه الشيخان عن أبي أيوب الأنصاري "لأنا نقول" ليس المنهي عنه ترك التكلم مطلقًا إنما المنهى عنه الإعراض وترك التكلم عند اللقاء كما يدل عليه قوله يلتقيان الخ وابن عباس لم يترك الكلام عند اللقاء. بل ترك القرب منها والدخول عليها كما في رواية مسلم لو كنت أقربها أو أدخل عليها لأتيتها. أو يقال إنه ترك كلامها لا لغرض نفسي بل لأمر ديني وهو أنه ظن أنها عاصية في تكلمها في الحرب التي جرت بين علي ومعاوية كما في حديث مسلم نهيتها أن تقول في هاتين الشيعتين فأبت فيهما إلا مضيًا. وهجر العاصي لا شك جائز
(قوله قلت لو علمت أنك لا تكلمها ما حدثتك) قاله سعد لابن عباس معاتبًا له على تركه كلامها ليرجع عن مقاطعتها ويكلمها ويحدث عنها
(فقه الحديث) دل الحديث على التنفير من الرهبانية "وهي الانقطاع للطاعة" لما فيها من مخالفة سنة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. وعلى أنه يتأكد الوقوف على ما كان عليه رسول الله صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من الطاعات والمكارم للتأسي به. وعلى أنه يستحب لمن سئل عن شيء ويعلم أن غيره أعلم منه به أن يرشد السائل إليه فإن الدين النصيحة. وعلى مزيد فضل عائشة واعتراف ابن عباس لها بالفضل. وعلى أنه ينبغي للإنسان أن يتأدب بآداب القرآن اقتداء بالنبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم. وعلى أن قيام الليل كان فرضًا ثم نسخ. وعلى مشروعية الإيتار بتسع ركعات وسبع بتشهدين وسلام واحد. وعلى كراهة قيام الليل كله بصلاة أو