أيضا من طرق ابن أبى ليلى: أن صرمة بن مالك قال لأهله أطعمونى، فقالت حتى أجعل لك شيئا سخنا فغلبته عينه فنام. ولا تنافى بين هذه الروايات لإمكان الجمع بينها، فيحتمل أن يكون أحضر معه تمرا وطلب منها طعاما غيره، فلما أخبرته بأنه ليس عندها غيره أمرها أن تستبدل التمر بدقيق وتجعله سخينة
(قوله فأطاب لك) وفى نسخة فأطلب لك شيئا
(قوله فقالت خيبة لك) أى حرمانا لك يقال: خاب خيبة إذا لم يظفر بما طلبه، وهو منصوب على المفعولية المطلقة حذف عامله وجوبا
(قوله فلم ينتصف النهار حتى غشى عليه) أى أغمى عليه فلم يستطع الحركة. وفى رواية البخارى والترمذى "فلما انتصف النهار غشى عليه" وفى رواية أحمد "فأصبح صائما فلما انتصف النهار غشى عليه" وفى رواية النسائى "فلم يطعم شيئا وبات وأصبح صائما حتى انتصف النهار فغشى عليه"
(قوله وكان يعمل يومه فى أرضه) وفى رواية الطبرى، وكان يعمل فى حيطان المدينة بالأجر، ولا تنافى بينهما، لأن الإضافة فى قوله فى أرضه للاختصاص لا للملك، أو أن الإضافة فيه لأدنى ملابسة
(قوله فذكر ذلك للنبي) وفى نسخة فذكرت ذلك للنبي قوله: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} أى أبيح لكم الجماع فى ليلة الصيام من الغروب إلى طلوع الفجر وفى رواية البخارى فنزلت {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} ففرحوا بها فرحا شديدا، ونزلت {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} الخ. قال الحافظ كذا فى هذه الرواية، وشرح الكرمانى على ظاهرها. فقال: لما صار الرفث وهو الجماع هنا حلالا بعد أن كان حراما كان الأكل والشرب بطريق الأولى، فلذلك فرحوا بنزولها وفهموا منها الرخصة. هذا وجه مطابقة ذلك لقصة أبى قيس. قال ثم لما كان حلهما بطرق المفهوم، نزل به ذلك وكلوا واشربوا ليعلم بالمنطوق تسهيل الأمر عليهم صريحا. ثم قال أو المراد من الآية هى بتمامها (قلت) وهذا هو المعتمد وبه جزم السهيلى وقال: إن الآية بتمامها نزلت فى الأمرين معا وقدم ما يتعلق بعمر لفضله (قلت) وقد وقع فى رواية أبى داود فنزلت {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ} الى قوله {مِنَ الْفَجْرِ} فهذا يبين أن محل قوله "ففرحوا بها" بعد قوله {الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} ووقع ذلك صريحا فى رواية زكريا بن أبى زائدة ولفظه: فنزلت {أُحِلَّ لَكُمْ} إلى قوله {مِنَ الْفَجْرِ} ففرح المسلمون بذلك اهـ
(قوله قرأ إلى قوله {مِنَ الْفَجْرِ}) أى قال أبو إسحاق قرأ البراء بن عازب الآية إلى قوله {مِنَ الْفَجْرِ}، وظاهر هذه الرواية أن الآية بتمامها نزلت فى قصة صرمة فقط، لكنها نزلت فيه وفى غيره، ومنهم عمر لما واقع امرأته كما مرّ فى رواية ابن جرير الطبرى عن السدى، وفى رواية له عنه أيضا قال: كتب على النصارى رمضان وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا بعد النوم ولا ينكحوا النساء شهر رمضان، فكتب على المؤمنين كما كتب عليهم فلم يزل المسلمون على ذلك يصنعون كما تصنع النصارى حتى أقبل رجل من الأنصار يقال له أبو قيس بن صرمة وكان يعمل فى حيطان المدينة