لحديث جبير بن مطعم أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلى آية ساعة شاء من ليل أو نهار. رواه الأربعة وقال الترمذي صحيح كما تقدم
(وقالت المالكية) تحرم النوافل ولو لها سبب والمنذورة وسجدة التلاوة وقت الطلوع والغروب لحديث الباب ونحوه من أحاديث النهي. وكذا تحرم صلاة الجنازة في هذين الوقتين إلا إن خيف تغيرها فتجوز.
وأباحوا الفرائض العينية قضاء أو أداء في هذين الوقتين مستدلين بما تقدم للمصنف في الجزء الرابع صفحة ٣٧ من قوله صلى الله عليه وآله وسلم من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها وأباحوا الصلاة مطلقًا فرضًا ونفلًا وقت الاستواء.
قال الزرقاني في شرح الموطأ قال الجمهور والأئمة الثلاثة بكراهة الصلاة عند الاستواء.
وقال مالك بالجواز مع روايته هذا الحديث "يعني حديث عبد الله الصنابحي أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا ارتفعت فارقها ثم إذا استوت قارنها فإذا زالت فارقها فإذا دنت للغروب قارنها فإذا غربت فارقها ونهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن الصلاة في تلك الساعات"
قال ابن عبد البر فإما أنه لم يصح عنده. أو ردّه بالعمل الذي ذكره بقوله ما أدركت أهل الفضل إلا وهم يجتهدون ويصلون نصف النهار اهـ
قال الزرقاق والثاني أولى أو متعين فإن الحديث صحيح بلا شك إذ رواته ثقات مشاهير. وعلى تقدير أنه مرسل فقد تقوّى بأحاديث عقبة وعمرو يعني ابن عبسة "وهو حديث الباب" وقد صححهما مسلم اهـ
"أقول" وحيث ثبتت صحة الحديث فهو مذهب مالك ولا وجه للتفرقة بين أجزائه بعمل الناس فإنه لا كلام لأحد مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: على أن عمل الناس إنما هو في الصلاة وقت الاستواء يوم الجمعة وقد تقدم ما يدل على استثنائه ولذا قال الباجي في شرح الموطأ.
وفي المبسوط عن ابن وهب سئل مالك عن الصلاة نصف النهار فقال أدركت الناس وهم يصلون يوم الجمعة نصف النهار.
وقد جاء في بعض الحديث نهي عن ذلك فأنا لا أنهى عنه للذى أدركت الناس عليه ولا أحبه للنهي عنه اهـ
وقول مالك لا أحبه للنهي عنه محمول على أنه لم يثبت عنده الحديث الدال على إباحة الصلاة وقت الاستواء يوم الجمعة. وقد تقدم ما فيه
(وقالت الشافعية) يكرة النفل الذي لا سبب له في هذه الأوقات. أما الفرض مطلقًا والنفل الذي له سبب فلا يكره مستدلين بحديث من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها. وتقدم ما فيه. وأباحوا أيضًا التنفل مطلقًا في الحرم المكي في هذه الأوقات لحديث الترمذي وغيره المتقدم يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار. وأباحوا النفل أيضًا وقت الاستواء يوم الجمعة لما تقدم عن أبي قتادة أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة. والمشهور عن داود منع الصلاة في هذه الأوقات مطلقًا