الإسفار بأنه يدخل في الصلاة مغلسا ويطوّل القراءة حتى ينصرف منها مسفرا. وقال إن حديث عائشة هذا كان قبل الأمر بطول القراءة فهو منسوخ اهـ لكن دعواه النسخ لحديث عائشة لا دليل عليه. ويقوّى عدم النسخ ما قاله الترمذى من أن حديث عائشة حسن صحيح وهو الذى اختاره غير واحد من أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم منهم أبو بكر وعمر ومن بعدهم من التابعين اهـ فلو كان منسوخا لما ذهب إليه هؤلاء الأكابر الذين هم أعلم بالنسخ من غيرهم. ولعلّ حديث عائشة مبنيّ على بعض الأحوال فإن الظاهر من الأدلة أنه كان يبتدئُ بغلس وهو الغالب من أحواله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وينصرف منها تارة بغلس كما في حديث عائشة وتارة بإسفار كما في حديث أبى برزة المتقدم وكان ذلك على حسب طول القراءة وقصرها فقد كان يقرأ فيها من الستين إلى المائة. وروى الطحاوى من طريق شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك قال صلى بنا أبو بكر صلاة الصبح فقرأ بسورة آل عمران فقالوا كادت الشمس تطلع فقال لو طلعت لم تجدنا غافلين. وروى أيضا من طريق عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدى قال صلى بنا أبو بكر صلاة الصبح فقرأ سورة البقرة في الركعتين جميعا فقال له عمر كادت الشمس تطلع فقال لو طلعت لم تجدنا غافلين "قال" أبو جعفر فهذا أبو بكر قد دخل في وقت غير الإسفار ثم مدّ القراءة فيها حتى خيف طلوع الشمس وهذا بحضرة أصحاب ر سول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وبقرب عهدهم من رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا ينكر عليه منهم منكر فدلّ ذلك على متابعتهم له ثم فعل ذلك عمر من بعده فلم ينكره من حضره منهم "إذا" علمت هذا "تبين لك" أن الراجح القول بالتغليس لصحة أدلته وقوّتها
(فقه الحديث) دلّ الحديث على طلب المبادرة بصلاة الصبح أول الوقت، وعلى جواز خروج النساء إلى المساجد لشهود الصلاة في الليل ومحلّ ذلك ما لم يخش عليهنّ أو بهنّ فتنة وعلى أنه يطلب من النساء الاستتار التامّ إذا خرجن لأمر مشروع لهنّ
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى ومسلم والترمذى والنسائى والبيهقي وأخرجه ابن ماجه من طريق عروة عن عائشة