(قوله من كان منكم يركع ركعتي الفجر الخ) أى من كان يعتاد صلاة ركعتين سنة الفجر في السفر فليصلهما ومن لا فلا فخيرهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في ذلك من أجل السفر فقاموا جميعا فركعوهما بعد أمره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. ويحتمل أن المراد من كان منكم يصليهما قبل اليوم في الحضر فليصلها الآن فصلاهما بعد أمره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من كان من الصحابة يصليهما قبل ومن لم يكن يصليهما فدلّ على أن بعض الصحابة لم يكن يصلى ركعتى الفجر في الحضر. ولعله لم يبلغه ما ورد فيهما من الفضل فإنه يبعد على الصحابة أن يتركوا ما واظب عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ورغب فيه فقد روى مسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يكن على شيء من النوافل أشدّ معاهدة منه على ركعتين قبل الصبح. وروى أيضا عنها أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها. أو لعل هذا خطأ من خالد بن سمير في أداء العبارة فإن حديث عبد الله ابن رباح عن أبى قتادة رواه ثابت البناني عن عبد الله بن رباح ولم يذكر من كان منكم يركع الخ كما تقدم وثابت البناني أحد الأئمة الأثبات، وإنما تفرّد به خالد بن سمير عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة فوهم فيه. على أن جماعة من الصحابة غير أبى قتادة رووا قصة النوم عن الصلاة مفصلة ومجملة منهم الله بن مسعود وبلال وأبو هريرة وعمران بن حصين وعمرو بن أمية الضمرى وأنس وابن عباس وعبد الله بن عمر وأبو أمامة ولم يذكر أحد منهم في حديثه هذه العبارة وأحاديث هؤلاء مروية في الصحيحين وغيرهما ولم ينقل أحد من الصحابة أنهم كانوا مخيرين في أداء ركعتى الفجر
(قوله أن ينادى بالصلاة) أى يقام لها لقوله فقام فصلى بنا ولأن النداء كان عقب صلاة سنة الفجر
(قوله ألا إنا نحمد الله الخ) ألا بفتح الهمزة وتحفيف اللام حرف تنبيه تدلّ على تحقق ما بعدها أى نحمد الله عزّ وجلّ على عدم كوننا في شيء من أمور الدنيا يلهينا عن صلاتنا ولكن أرواحنا بيد الله عزّ وجلّ فأرسلها متى شاء فإنه يتوفى نفس النائم عند النوم ثم يرسلها عند اليقظة وقال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لهم ذلك لما رأى من الصحابة عظم فوات وقت الصبح فسهل عليهم الأمر بهذا القول. والرّوح يذكر ويؤنث وهو جوهر لطيف مشتبك بالجسم اشتباك الماء بالعود الأخضر على هيئة جسد صاحبها كما تقدم "لا يقال" كيف تفسر الروح وقد قال تعالى حكاية عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "قل الروح من أمر ربى""لأن السؤال" كان عنها من حيث قدمها وحدوثها وليس فيه ما ينافي جواز تفسيرها وأيضا أمر الروح كان مبهما في التوراة فقالت اليهود نسأله عن أصحاب الكهف وعن ذى القرنين وعن الروح فإن أجاب عنه أو سكت فليس بنبيّ وإن أجاب عن بعض وسكت عن بعض فهو نبى فبين لهم القصتين وأبهم الروح حتى لا يطعنوا في نبوّته
(قوله فليقض معها مثلها) أى يصلى مع صلاة الغداة الحاضرة فائتة