ملوك الأرض في زمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام وكان من مكره أنه بنى صرحا ببابل ليصعد إلى السماء ويقاتل أهلها في زعمه "قال" ابن عباس كان طول الصرح في السماء خمسة آلاف ذراع "وقال" كعب ومقاتل كان طوله فرسخين فهبت ريح فقصفته وألقت رأسه في البحر وأتاهم الله بزلزال قلعت بنيانهم من قواعده وأساسه فانهدم عليهم وهم تحته فأهلكهم. ولما سقط تبلبلت الألسن من الفزع فتكلموا يومئذ بثلاث وسبعين لسانا فلذلك سميت ببابل (والحديث يدلّ) على أن الصلاة ببابل منهيّ عنها. وهو وإن كان ضعيفا يؤيده ما رواه ابن أبي شيبة عن سفيان عن عبد الله بن شريك عن عبد الله بن أبي المحلّ العامرى قال كنا مع علىّ فمررنا على الخسف الذى ببابل فلم يصلّ حتى أجازه. وعن حجر بن عنيس الحضرمي عن على قال ما كنت لأصلى في أرض خسف الله بها ثلاث مرار. أى قالها ثلاث مرات (قال البيهقى) هذا النهى إن ثبت مرفوعا ليس لمعنى يرجع إلى الصلاة إذ لو صلى فيها لم يعدو إنما هو كما جاء في قضية الحجر اهـ "والحجر مساكن ثمود قوم صالح"(وقال الخطابي) في إسناد هذا الحديث مقال ولا أعلم أحدا من العلماء حرّم الصلاة في أرض بابل وقد عارضه ما هو أصحّ منه وهو قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم جعلت لى الأرض مسجدا وطهورا. ويشبه أن يكون معناه إن ثبت أنه نهاه أن يتخذ أرض بابل وطنا ودارا للإقامة فتكون صلاته فيها إذا كانت إقامته بها ناقصة "يعنى أن المراد بقوله نهانى أن أصلى ببابل أي أن أقيم فيها فأطلق الملزوم وأراد اللازم" ويخرّج هذا النهى فيه على الخصوص. ألا تراه يقول نهاني. ولعل ذلك إنذار له بما أصابه من المحنة في الكوفة وهي أرض بابل ولم ينتقل أحد من الخلفاء الراشدين قبله من المدينة اهـ وما ذكره بعيد كما قاله الحافظ "وقوله" يعارضه ما هو أصحّ منه "غير مسلم" لأن هذا الحديث على فرض صحته خاصّ وذلك عامّ مخصوص بالمواضع التى نهى عن الصلاة فيها فلا تعارض
(فقه الحديث) والحديث يدلّ على النهى عن الصلاة في المقابر، وعلى النهى عن الصلاة في أرض بابل، وعلى أن عقوبة المعاصى تجرّ بذيلها على المكان الذى وقعت فيه فيحرم من حصول الخير فيه، وعلى أن الاتصال بأهل الذنوب وبال وحرمان من الرحمة