زاد الإمام أحمد رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ في روايته من حديث عمرو بن تغلب وكلّ ضلالة في النار (وقال) الإمام مالك رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ من أحدث في هذه الأمة شيئا لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خان الدين لأن الله تعالى يقول "اليوم أكملت لكم دينكم" فما لم يكن حينئذ دينا لا يكون اليوم دينا (وقال) الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه من حسن فقد شرّع (إلى غير ذلك) مما يطول ذكره. وبما تقدم لك تعلم أن الصلاة والتسليم على النبى صلى الله عليه وآله وسلم من المؤذن بعد الأذان بالكيفية المتعارفة في زماننا هذا لم تكن في زمانه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا في زمان أصحابه رضوان الله تعالى عليهم ولا في زمان السلف الصالح (وما قال) باستحسانها أحد من الأئمة المجتهدين. ومن قال باستحسانها من متأخرى المقلدين فقوله مردود عليه بهذه الأحاديث الصحيحة لأن شرط الاستحسان أن لا يكون مصادرا لما كان عليه الرسول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأصحابه فضلا عن كون المقلد لا يصح منه التحسين. فإذا علمت هذا فاعلم أنه ينبغي ترك ذلك ولا سيما وأن العامة اعتقدوا أنها من جملة الأذان المشروع وأن الأذان بدونها باطل وقد علم بعض المؤذنين الحكم الشرعى في ذلك وعملوا عليه فقال غالب الناس قد أبطل الأذان بتركه رفع الصوت بالصلاة والسلام بعده. وإنهم بهذا قد أدخلوا في الدين ما ليس منه وخلطوا على الناس أمر دينهم فلا حول ولا قوة إلا بالله العلىّ العظيم. وقد بسطنا الكلام على ذلك في كتبنا الأخر
(قوله صلى الله عليه بها عشرا) أى أعطاه الله تعالى في مقابلة صلاته على النبى صلى الله عليه وآله وسلم أجر عشر صلوات فالباء للمقابلة. وهذا الحديث نظير قوله تعالى "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها" والصلاة من الله تعالى على عباده ثناؤه عليهم عند الملائكة كما رواه البخارى عن أبى العالية وغيره عن الربيع بن أنس وجرى عليه الحليمى في شعب الإيمان. وقيل رحمة الله لهم كما نقله الترمذى عن الثورى وغير واحد من أهل العلم وجرى عليه المبرّد والماوردى وقال إن ذلك أظهر الوجوه
(قوله ثم سلوا الله لي الوسيلة) هي في الأصل ما يتوصل به إلى الشئ ويتقرّب به إليه. وقيل هي الشفاعة العظمى يوم القيامة. وقيل منزلة في الجنة كما في الحديث وهى المرادة هنا وقيل قبتان في أعلى عليين إحداهما يسكنها النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ وآله والأخرى من ياقوتة صفراء يسكنها إبراهيم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ وآله
(قوله فإنها منزلة في الجنة) وهى أعلاها وأغلاها وسميت تلك المنزلة بالوسيلة لأن الواصل إليها يكون فائزا بلقائه تعالى مخصوصا من بين سائر الخلق بأنواع الكرامات
(قوله لا تنبغى الخ) بالمثناة الفوقية وفى بعض النسخ بالمثناة التحتية أى لا تتيسر ولا تكون إلا لعبد واحد من سائر عباد الله تعالى وأرجو أن أكون أنا هو. وقال ذلك صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يوحى إليه أنه صاحبها. ويحتمل أنه قاله بعد أن أوحى إليه بها