(قوله إن المؤذنين يفضلوننا) يعنى يغلبوننا في الفضل ويزيدون علينا بسبب الأذان فهو من فضلته إذا غلبته بالفضل
(قوله قل كما يقولون الخ) أى إلا الحيعلتين. وهو جواب لاستفهام مقدّر تقديره فأىّ عمل تأمرنا به كي نلحقهم بسببه فقال صلى الله عليه وآله وسلم جوابا له قل كما يقولون فإذا انتهيت أى من الإجابة فاطلب من الله تعالى ما تريده يقبل دعاءك ويعطك ما سألته فإن هذا وقت إجابة فالهاء مفعول ثان لتعط عائد على معلوم من السياق (وظاهره) يدلّ على أن السامع إذا أجاب المؤذن يحصل له من الفضل مثل ما للمؤذن. لكن هذا من باب الترضية لمجيب المؤذن وإلا فالمؤذن يثاب ثوابا أزيد كما تدلّ عليه الأحاديث "فقد" روى مسلم وابن حبان في صحيحه عن معاوية قال سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة، وروى "الطبرانى في الأوسط عن أنس قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لو أقسمت لبررت أن أحب عباد الله إلى الله لرعاة الشمس والقمر يعنى المؤذنين وإنهم ليعرفون يوم القيامة بطول أعناقهم "وروى" الطبرانى في الكبير عن ابن عمر قال لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلا مرّة ومرّة ومرّة حتى عدّ سبع مرّات لما حدّثت به سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة لا يهولهم الفزع ولا يفزعون حين يفزع الناس رجل علم القرآن فقام يطلب به وجه الله وما عنده ورجل نادى في كل يوم وليلة خمس صلوات يطلب وجه الله وما عنده ومملوك لم يمنعه رقّ الدنيا من طاعة ربه "وروى" البخارى في التاريخ والطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال جاء رجل إلى النبى على الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال علمني أو دلنى على عمل يدخلني الجنة قال كن مؤذنا قال لا أستطيع قال كن إماما قال لا أستطيع فقال قم بإزاء الإمام. إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أنه ينبغى للإنسان أن يحثّ نفسه على تحصيل الخير ولا سيما إذا رأى أن غيره قد سبقه به، وعلى أن المؤذنين لهم ثواب كبير، وعلى أن الدعاء عقب الأذان مشروع ومجاب، وعلى أن من يجيب المؤذن يحرز ثوابا مثله
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البيهقى والنسائى في عمل اليوم والليلة وابن حبان في صحيحه ورواه ابن خزيمة والحاكم عن أم حبيبة بلفظ إن المؤذنين يفضلوننا فقال قل كما يقولون فإذا انتهيت فسل تعطه وفي سنده عبد الله بن لهيعة وفيه مقال