في ذلك خلاف وتفاصيل. فذهب إلى التحريم الهادى والقاسم والناصر وأبو حنيفة إن كان الأجر مشروطا. مستدلين بحديث الباب وبما رواه ابن حبان عن يحيى البكالى قال سمعت رجلا قال لابن عمر إني لأحبك في الله فقال له ابن عمر إني لأبغضك في الله فقال سبحان الله أحبك في الله وتبغضنى في الله قال نعم إنك تسأل على أذانك أجرا. وبما روى عن ابن مسعود أنه قال أربع لا يؤخذ عليهن أجر الأذان وقراءة القرآن والمقاسم والقضاء ذكره ابن سيد الناس في شرح الترمذى وروى ابن أبي شيبة عن الضحاك أنه كره أن يأخذ المؤذن على أذانه جعلا ويقول إن أعطى بغير مسألة فلا بأس. ولأن الاستئجار على الأذان وكذا الإقامة سبب في تنفير الناس عن الصلاة في الجماعة لأن ثقل الأجر يمنعهم من ذلك (وللشافعية فيه أوجه) أصحها يجوز للإمام أن يعطي من مال بيت المال ومن مال نفسه ولآحاد الناس من أهل المحلة ومن غيرهم من مال نفسه "الثانى" لا يجوز الاستئجار لأحد "الثالث" يجوز للإمام دون آحاد الناس (وقال الشافعى) في الأمّ أحب أن يكون المؤذنون متطوّعين وليس للإمام أن يرزقهم وهو يجد من يؤذن متطوّعا ممن له أمانة إلا أن يرزقهم من ماله. ولا أحب أحدا ببلد كثير الأهل يعوزه أن يجد مؤذنا أمينا لازما يؤذن متطوّعا فإن لم يجد فلا بأس أن يرزق مؤذنا ولا يرزقه إلا من خمس الخمس سهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا يجوز أن يرزقه من غيره من الفيء لأن لكله مالكا موصوفا ولا يجوز أن يرزقه من الصدقات شيئا ويجوز للمؤذن أخذ الرزق إذا رزق من حيث وصفت أن يرزق ولا يجوز له أخذه من غيره اهـ (وذهبت الحنابلة) إلى عدم الجواز إن وجد متبرّع به وإلا رزق من بيت المال وقالوا بجواز الجعالة عليه وكذا قال الأوزاعي بالجعالة (وللمالكية فيه قولان) بالمنع والجواز (وقال) ابن العربى الصحيح جواز أخذ الأجرة على الأذان والصلاة والقضاء وجميع الأعمال الدينية فإن الخليفة يأخذ أجرته على هذا كله وفي كل واحد منها يأخذ النائب أجره كما يأخذ المستنيب والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم ما تركت بعد نفقة نسائى ومؤنة عاملى فهو صدقة اهـ فقاس المؤذن على العامل. وهو قياس في مصادمة النصّ "وقد عقد" ابن حبان ترجمة على الرخصة في ذلك وأخرج عن أبى محذورة أنه قال فألقى عليّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الأذان فأذنت ثم أعطانى حين قضيت التأذين صرّة فيها شيء من فضة "قال اليعمرى" ولا دليل فيه لوجهين "الأول" أن قصة أبى محذورة أول ما أسلم لأنه أعطاه حين علمه الأذان وذلك قبل إسلام عثمان بن أبى العاص فحديث عثمان متأخر "الثاني" أنها واقعة يتطرّق إليها الاحتمال. وأقرب الاحتمالات فيها أن يكون من باب التأليف لحداثة عهده بالإسلام كما أعطى حينئذ غيره من المؤلفة قلوبهم. ووقائع الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال سلبها الاستدلال لما يبقى فيها من الإجمال اهـ (واختلفت المالكية)