للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه أن المفاضلة إنما تكون بين فاضلين جائزين وإن الصلاتين قد اشتركتا في الفضيلة ولو كانت الفرادى غير مجزئة لما كانت لها فضيلة. وبما رواه الشيخان أيضا عن أبى موسى قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إن أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم والذى ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذى يصليها ثم ينام. وبما رواه النسائى وغيره من حديث يزيد بن الأسود من قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لما وجد رجلين جالسين ولم يصليا معه ما منعكما أن تصليا معنا فقالا يا رسول الله قد صلينا في رحالنا فقال لهما إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة (وأجابوا عن حديث) الهمّ بتحريق البيوت بوجوه (منها) أن الحديث ورد في قوم منافقين يتخلفون عن الجماعة ولا يصلون فرادى كما يدلّ عليه حديث ابن مسعود الآتى وفيه ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق بين النفاق (ومنها) أنه صلى الله عليه وآله وسلم همّ ولم يحرقهم بالفعل ولو كان واجبا لما تركه (ومنها) ما حكاه القاضى عياض من أن فرضية الجماعة كانت أول الإسلام لأجل سدّ باب التخلف عن الصلاة على المنافقين ثم نسخ الوجوب (قال في الفتح) ويدلّ على النسخ الأحاديث الواردة في تفضيل صلاة الجماعة لأن الأفضلية تقتضى الاشتراك في أصل الفضل ومن لازم ذلك الجواز اهـ (والظاهر ما ذهب) إليه الجمهور من القول بالسنية لما فيه من الجمع بين الأدلة وعدم إهمال بعضها (قال في النيل) قد تقرّر أن الجمع بين الأحاديث ما أمكن هو الواجب وتبقية الأحاديث المشعرة بالوجوب على ظاهرها من دون تأويل والتمسك بما يقضى به الظاهر إهدار للأدلة القاضية بعدم الوجوب وهو لا يجوز. فأعدل الأقوال وأقربها إلى الصواب أن الجماعة من السنن المؤكدة التي لا يخلّ بملازمتها ما أمكن إلا محروم مشئوم. وأما أنها فرض عين أو كفاية أو شرط لصحة الصلاة فلا. ولهذا قال المصنف "يعنى ابن تيمية" رحمه الله تعالى بعد أن ساق حديث أبى هريرة ما لفظه "وهذا الحديث يردّ على من أبطل صلاة المنفرد لغير عذر وجعل الجماعة شرطا لأن المفاضلة بينهما تستدعي صحتهما. وحمل النصّ على المنفرد لعذر لا يصح لأن الأحاديث قد دلت على أن أجره لا ينقص عما يفعله لولا العذر فروى أبو موسى عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا رواه أحمد والبخارى وأبو داود. وعن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من توضأ فأحسن الوضوء ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله عزّ وجلّ مثل أجر من صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا رواه أحمد وأبو داود والنسائى اهـ" استدلّ المصنف رحمه الله تعالى بهذين الحديثين على ما ذكره من عدم صحة حمل النصّ على المنفرد لعذر لأن أجره كأجر المجمع اهـ (وقال في حجة الله البالغة) الجماعة سنة مؤكدة

<<  <  ج: ص:  >  >>