سامع النداء لتقييد حديث الأعمى وحديث ابن عباس به. وما أطلق من الأحاديث يحمل على المقيد. وإذا عرفت هذا فاعلم أن الدعوى وجوب الجماعة عينا أو كفاية والدليل هو حديث الهمّ بالتحريق وحديث الأعمى وهما إنما دلا على وجوب حضور جماعته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في مسجده لسامع النداء وهو أخصّ من وجوب الجماعة ولو كانت الجماعة واجبة مطلقا لبين صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ذلك للأعمى ولقال له انظر من يصلى معك ولقال في المتخلفين إنهم لا يحضرون جماعته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا يجمعون في منازلهم والبيان لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة فالأحاديث إنما دلت على وجوب حضور جماعته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عينا على سامع النداء لا على وجوب مطلق الجماعة كفاية ولا عينا. وفيه أنه لا يرخص لسامع النداء عن الحضور وإن كان له عذر فإن هذا ذكر العذر وأنه لا يجد قائدا فلم يعذره إذًا. ويحتمل أن الترخيص له ثابت للعذر ولكنه أمره بالإجابة ندبا لا وجوبا ليحرز الأجر في ذلك. والمشقة تغتفر بما يجده في قلبه من الروح في الحضور. ويدلّ لكون الأمر للندب أى مع العذر قوله وعن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر رواه ابن ماجه والدارقطنى وابن حبان والحاكم وإسناده على شرط مسلم لكن رجح بعضهم وقفه اهـ
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن من اشتبه عليه أمر من أمور الدين يطلب منه أن يسأل عنه العالم به. وعلى تأكد أمر صلاة الجماعة، وعلى أن العمى قد لا يكون عذرا في التخلف عنها
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه ابن ماجه وأحمد والحاكم وابن خزيمة
(قوله هارون بن زيد بن أبى الزرقاء) أبو موسى الموصلى نزيل الرملة. روى عن أبيه وداود بن الجرّاح وضمرة بن ربيعة. وعنه أبو داود والنسائى وأبو حاتم وابن أبى عاصم وجماعة. وثقه ابن حبان ومسلمة بن قاسم وقال أبو حاتم صدوق وقال النسائى لا بأس به. مات سنة خمسين ومائتين
(قوله حدثنا أبى) هو زيد بن أبى الزرقاء الثعلبي أبو محمد