(قوله الأبعد فالأبعد الخ) الفاء للترتيب أى أن الأبعد من المسجد أعظم أجرا من القريب منه فكل من كان أبعد كان أكثر أجرا وروى مسلم عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن أعظم الناس في الصلاة أجرا أبعدهم إليها ممشى. وهذا من باب التسلية لمن بعد مسكنه عن المسجد لأن من قرب مسكنه منه سهل عليه مكثه فيه وكثرة صلاته فيه فثوابه موفور. أما البعيد من المسجد فمحروم من ذلك فكان من السلوى أن يبشر بأن خطاه ومشقته بمنزلة صلاته لما في البعد من كثرة الخطا وفى كل خطوة رفع درجة أو حطّ خطيئة كما سيأتي للمصنف. ولما رواه مسلم والترمذى والنسائى عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات قالوا بلى يا رسول الله قال إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاه بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط. وليس المراد أنه يطلب إبعاد المساكن عن المسجد لأن بيته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان قريبا من المسجد فهو على حدّ قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك فإنه ليس فيه حثّ على إفساد رائحة الفم بعدم الاستياك وإنما الغرض تبشير الصائم بأن له أجرا كثيرا
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن كثرة الخطا إلى المساجد من أعظم القربات
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه أحمد وابن ماجه والبيهقى والحاكم وصححه