صادق بمرّة. وقال العينى قوله من اكتحل فليوتر أى فليجعل الاكتحال فردا إما واحدة أو ثلاثا أو خمسا، وإنما أمر بالإيتار لقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إن الله وتر يحب الوتر وهذا الأمر من الأمور الندبية كقوله تعالى فكتبوهم، والأولى أن يكون للإرشاد، والفرق بينهما أن الندب لثواب الآخرة والإرشاد لمنافع الدنيا غير مشتمل على ثواب الآخرة فافهم اهـ وقوله فليجعل الاكتحال فردا إما واحدة الخ بيان للوتر في الأصل فلا ينافى ما قدّمناه عن صاحب الشمائل والطبرانى، وفيما قاله من الأولوية وقصر الثواب على الندب دون الإرشاد نظر لأنه لا مانع من ترتب الثواب على الفعل المرشد إلية إذا قصد المرشد "بصيغة المفعول" الامتثال لإرشاد الشارع
(قوله من فعل فقد أحسن) أى فعل فعلا حسنا يثاب عليه لأنه سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولتضمن من معنى الشرط دخل في جوابها الفاء
(قوله ومن لا فلا حرج) أى من لم يوتر فلا إثم عليه وقد دلّ نفى الحرج علي أن الإيتار ليس بواجب وعلى أن أصل الأمر للوجوب وإلا لما احتاج إلى بيان سقوط وجوبه بقوله ومن لا فلا حرج قال ابن العربى الكحل يشتمل على منفعتين إحداهما زينة والثانية تطبب فإذا استعمل للزينة فهو مستثنى من التصنع الذى يلبس الصنعة بالخلقة كالوصل والوشم رحمة من الله تعالى لخلقه ورخصة منه لعباده وإذا استعمل بنية التطبب فهو لتقوية البصر من ضعف يعتوره واستنبات الشعر الذى يجمع النور للإدراك ويصدّ الأشعة الغالبة له، ثم إن كحل الزينة لا حدّ له شرعا وإنما هو بقدر الحاجة في بدوّه وخفائه وأما كحل المنفعة (أى التطبب) فقد وقته صاحب الشرع كل ليلة كما تقرّر، وفائدته أن الكحل عند النوم يلتقى عليه الجفن يسكن حرارة العين ويتمكن من السراية في تجاويف العين ويظهر تأثيره في المقصود منه اهـ. وقال ابن القيم في الكحل حفظ لصحة العين وتقوية للنور الباصر وجلاء لها وتلطيف للمادّة الرديّة واستخراج لها مع الزينة في بعض أنواعه وله عند النوم مزيد فضل لاشتمالها على الكحل وسكونها عقيبه عن الحركة المضرّة بها وخدمة الطبيعة لها وللإثمد من ذلك خاصية ففى سنن ابن ماجه عن سالم عن أبيه يرفعه "عليكم بالإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر" وفيها أيضا عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما يرفعه "خير أكحالكم الإثمد يجلو البصر وينبت الشعر" وفى كتاب أبى نعيم "فإنه منبتة للشعر مذهبة للقذى مصفاة للبصر" اهـ
(قوله ومن استجمر) أى استنجى بالحجر مأخوذ من الاستجمار وهو قلع النجاسة بالجمار وهي الأحجار الصغار، قال العينى في شرح البخارى الاستجمار هو مسح محل البول والغائط بالجمار وهي الأحجار الصغار ويقال الاستطابة والاستنجاء والاستجمار لتطهير محل البول والغائط والاستجمار مختص بالمسح بالأحجار والاستنجاء والاستطابة يكونان بالماء والأحجار، وقال ابن حبيب وكان ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما يتأول الاستجمار