الحويرث قال قدمنا على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ونحن شببة فلبثنا عنده نحوا من عشرين ليلة وكان النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رحيما فقال لو رجعتم إلى بلادكم فعلمتموهم مروهم فليصلوا صلاة كذا في حين كذا وصلاة كذا في حين كذا وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم. روى له عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خمسة عشر حديثا اتفق الشيخان على اثنين. روى له الجماعة. توفي سنة أربع وسبعين
(معنى الحديث)
(قوله قال له أو لصاحب له) أى رفيق له في سفره ولم نقف على اسم ذلك الصاحب
(قوله فأذنا) المراد فليؤذن لكما أحدكما. ويؤيده رواية الشيخين السابقة وليس المراد أنهما يؤذنان معا. ويؤيده رواية الطبراني من طريق حماد بن سلمة عن خالد إذا كنت مع صاحبك فأذن وأقم وليؤمكما أكبركما. وقد اختلفت الروايات في ذلك فروى البيهقي الحديث عن أيوب عن أبى قلابة وفيه ارجعوا فكونوا فيهم وعلموا وصلوا فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم. وفى رواية له من طريق خالد الحذاء عن أبى قلابة وفيها إذا أنتما خرجتما فأذنا ثم أقيما. فوقع الاختلاف في أمرين (الأول) أن ظاهر الحديث الأول أن الأمر بالأذان بعد وصولهم إلى أهليهم وتعليمهم وفى الحديث الثاني بعد خروجهما من المدينة قبل وصولهما إلى أهلهما (والثانى) أن في الحديث الأول أمر بالأذان لأحدهما وفي الحديث الثاني لكليهما. وفى الحقيقة لا اختلاف بين الحديثين فإن الحديث الأول الذى فيه الأمر بالأذان في الحضر لا ينافى الأمر بالأذان في السفر كما أن الحديث الثاني الذى فيه الأمر بالأذان في السفر لا ينافى الأمر بالأذان في الحضر وكذلك المراد بقوله أذنا أى من أحب منكما أن يؤذن فليؤذن وذلك لاستوائهما. ولا يعتبر في الأذان السنّ وغيره بخلاف الإمامة وهو واضح من سياق حديث أيوب حيث قال فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم. ويمكن أن يوجه قوله فأذنا بأن أحدهما يؤذن والآخر يجيب (وقال) الحرماني قد يطلق الأمر بالتثنية وبالجمع والمراد واحد كقوله يا حرسى اضربا عنقه وقوله قتله بنو تميم مع أن القاتل والضارب واحد اهـ
(قوله ثم أقيما) أى ليقم أحدكما وهو المؤذن وليس المراد أنهما يقيمان معا لأن المؤذن هو الذى يقيم لحديث من أذن فهو يقيم كما تقدم
(قوله ثم ليؤمكما أكبركما الخ) أى سنا كما صرّح به في بعض النسخ وليس المراد أكبرهما قدرا ومنزلة لما ذكره المصنف من قوله وكنا يومئذ متقاربين في العلم بالموحدة أى يوم قال لنا النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ليؤمكما أكبركما وفي رواية ابن حزم متقارنين بالنون من المقارنة يقال فلان قرين فلان إذا كان مثله في علم أو غيره. وهذه الزيادة من قول مالك بن الحويرث أتى بها اعتذارا عن أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اعتبر الرجحان في السنّ ولم يعتبر الرجحان بالعلم كما في الأحاديث