قال أتى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الغائط فأمرنى أن آتيه بثلاثة أحجار فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجد فأخذت روثة فأتيته بها فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال هذا ركس. يعنى نجسا كما فسره الترمذى. قال النووى في شرح مسلم نبه النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالرجيع على جنس النجس فإن الرجيع هو الروث، وأما العظم فلكونه طعاما للجن فنبه به على جميع المطعومات وتلحق به المحترمات كأجزاء الحيوان وأوراق كتب العلم ولا فرق في النجس بين المائع والجامد فإن استنجى بنجس لم يصح استنجاؤه ووجب عليه بعد ذلك الاستنجاء بالماء ولا يجزئه الحجر لأن الموضع صار نجسا بنجاسة أجنبية ولو استنجى بمطعوم أو غيره من المحترمات الطاهرات فالأصح أنه لا يصح استنجاؤه ولكن يجزئه الحجر بعد ذلك إن لم يكن نقل النجاسة من موضعها، وقيل إن استنجاءه الأول يجزئُ مع المعصية اهـ وقالت المالكية لا يجوز الاستنجاء بالنجس كأرواث الخيل والحمير وعظم الميتة والعذرة ولا بمحترم لكونه مطعوما لآدمى كخبز أو مكتوبا لحرمة الحروف ولو بخط غير عربى أو مشرّفا لذاته كذهب وفضة أو حقا للغير كجدار مملوك للغير ولو وقفا، وأجزأ الاستنجاء بما ذكر مع الحرمة إن حصل الإنقاء قالوا ويكره الاستنجاء بعظم وروث طاهرين. قال العينى وذهب بعض البغداديين إلى جواز ذلك وهو قول أبى حنيفة، وفى البدائع فإن فعل ذلك يعنى الاستنجاء بالعظم يعتدّ به عندنا فيكون مقيما سنة ومرتكبا كراهية، وشذ ابن جرير فأجاز الاستنجاء بكل طاهر ونجس اهـ ويكره بالذهب والفضة عند أبى حنيفة، وقال في الهداية ولا يستنجى بعظم ولا بروث لأن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نهى عن ذلك ولو فعل يجزئه لحصول المقصود ومعنى النهى في الروث النجاسة وفى العظم كونه زاد الجن، ولا يستنجى بطعام لأنه إسراف وإهانة اهـ وقال في فتح القدير واذا كرهوا وضع المملحة على الخبز للإهانة فهذا أولى فلو فعل فأنقى أثم وطهر المحل على إحدى الروايتين اهـ وقال الحافظ في الفتح من قال علة النهى عن الروث كونه نجسا الحق به كل نجس ومتنجس وعن العظم كونه لزجا فلا يزيل إزالة تامة ألحق به ما في معناه كالزجاج الأملس، ويؤيده ما رواه الدارقطنى وصححه من حديث أبى هريرة أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نهى أن يستنجى بروث أو بعظم وقال إنهما لا يطهران، وفى هذا ردّ على من زعم أن الاستنجاء بهما يجزئُ وإن كان منهيا عنه اهـ وفى سبل السلام شرح بلوغ المرام في الكلام على حديث أبى هريرة قال إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نهى أن يستنجى بعظم أو روث وقال إنهما لا يطهران رواه الدارقطنى وصححه ما نصه وعلل هنا بأنهما لا يطهران وعلل بأنهما طعام الجن وعللت الروثة بأنها ركس والتعليل بعدم التطهير فيها عائد إلى كونها ركسا وأما عدم تطهير العظم فلأنه لزج لا يكاد يتماسك فلا ينشف النجاسة ولا يقطع البلة، ولما علل صلى