ابن ماجه وابن حبان في صحيحه، ولما أذن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الهجرة صار المسلمون يخرجون خفية إلا عمر فقد تنكب قوسا وتقلد رمحا وجاء إلى قريش وهم مجتمعون حول الكعبة فقال من أراد أن تثكله أمه ويأتم ولده وترمل زوجته فليتبعنى وراء هذا الوادى فإنى مهاجر فلم يتبعه أحد، وقد شهد المشاهد كلها وخرج في عدّة سرايا وكان أمير بعضها، ولما توفى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كانت له اليد الطولى في تهدئة الفتنة والإسراع إلى مبايعة أبى بكر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما وكان له في خلافته المشير الأمين ثم بويع بالخلافة يوم مات أبو بكر فسار أحسن سيرة فتح الله له الفتوح بالشام والعراق ومصر ودوّن الدواوين وأرّخ التاريخ، وكان لا يخاف في الله لومة لائم، وهو أول من تسمى بأمير المؤمنين، وكان نقش خاتمه كفى بالموت واعظا يا عمر، ونزل القرآن بموافقته في أمور كأسرى بدر والحجاب وتحريم الخمر واتخاذ مقام إبراهيم مصلى. فعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إن الله تعالى جعل الحق على لسان عمر وقلبه، وقال ابن عمر ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال فيه عمر إلا نزل القرآن فيه على نحو ما قال عمر رواه الترمذى وصححه وعن عمر قال وافقت ربى ثلاث. قلت يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فنزل (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) وقلت يا رسول الله يدخل عليك البرّ والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين يحتجبن فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الغيرة فقلت عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن فنزلت كذلك رواه الشيخان، وزاد في رواية وفى أسارى بدر، وقد وردت أحاديث كثيرة في فضله. ولى الخلافة عشر سنين ونصف وقتل يوم الأربعاء لأربع أو ثلاث بقين من ذى الحجة سنة ثلاث وعشرين طعنه أبو لؤلؤة فيروز غلام المغيرة بن شعبة وذلك أنه شكا إلى عمر ارتفاع الخراج الذى ضربه عليه المغيرة فقال ألا تكلم مولاى يضع عنى من خراجى فقال كم خراجك قال درهمان في كل يوم فقال عمر وما صناعتك قال نحاس نقاش حدّاد قال فما أرى خراجك بكثير إنك لعامل محسن فقال وسع عدلك الناس غيرى ثم قال له عمر ألا تعمل لى رحى قال بلى فلما ولى أبو لؤلؤة قال لأعملن لك رحى يتحدّث بها ما بين المشرق والمغرب فقال عمر توعدنى العبد فاصطنع له الغلام خنجرا ذا حدّين وشحذه وسمه تم تحين عمر فجأة في صلاة الصبح وقام وراءه فلما كبر عمر طعنه الغلام في كتفه وفى خاصرته فسقط وطعن الغلام ثلاثة عشر رجلا ممن حاولوا القبض عليه فمات منهم سبعة ولما رأى أنه مغلوب على أمره طعن نفسه بخنجره فمات ثم قال عمر أين عبد الرحمن ابن عوف فقالوا هو ذا يا أمير المؤمنين قال تقدم فصلّ بالناس فصلى بهم واحتملوا عمر فأدخلوه منزله فقال لابنه عبد الله انظر من قتلنى فقال أبو لؤلؤة فقال الحمد لله الذى لم يجعل قتلى بيد رجل