للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبين عبده لأن بعضها تعظيم لله وهو إياك نعبد وبعضها استعانة للعبد على أمر دينه ودنياه وهو إياك نستعين

(قوله اهدنا الصراط المستقيم) أى دلنا على الدين الحق الذى لا اعوجاج فيه وأصل الصراط الطريق الحسى ثم أريد به هنا دين الإسلام

(قوله صراط الذين أنعمت عليهم) أى بالهداية وهم جميع المؤمنين. وقيل هم المذكورون في قوله تعالى "فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين" وقيل هم الأنبياء خاصة وأنعم من الإنعام وهو إيصال الإحسان إلى الغير بشرط أن يكون ذلك الغير عاقلا فلا يقال أنعم فلان على فرسه ولا على حماره. وحذف متعلق أنعمت ليؤذن بالعموم فيشمل كل نعمة. ونعم الله لا تحصى باعتبار أفرادها كما قال تعالى "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها" وأما باعتبار جملتها فتحصى لأنها قسمان دنيوية وأخروية والأول إما وهبي أو كسبي. والوهبي إما روحاني كنفخ الروح والتزيين بالعقل والفهم والنطق أو جسمانى كخلق البدن والقوى الحالة فيه والصحة وكمال الأعضاء. والكسبى كتزكية النفس وتخليتها عن الرذائل وتحليتها بالفضائل والأخلاق السنية. والثاني الأخروى غفران الله تعالى للعبد وإنزاله في جنان النعيم مع النبيين والصديقين والملائكة المقربين أبد الآبدين

(قوله غير المغضوب عليهم) أتى باسم المفعول ولم يقل غير الذين غضب عليهم تعليما لعباده الأدب حيث أسند لنفسه الخير وأبهم في الشر. وأصل الغضب ثوران دم القلب لإرادة الانتقام ومنه قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم اتقوا الغضب فإنه جمرة تتوقد في قلب ابن آدم الم تروا إلى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه. وإذا وصف الله به فالمراد به الانتقام أو إرادة الانتقام فهو صفة فعل أو صفة ذات

(قوله ولا الضالين) أى وغير العادلين عن الصراط المستقيم. والمراد بالمغضوب عليها اليهود وبالضالين النصارى كما جاء مفسرا بذلك في رواية أحمد وابن حبان عن ابني عباس ومسعود وإن كان اللفظ عاما يشمل الفساق وكل من أخطأ في الاعتقاد. وقدّم المغضوب عليهم على الضالين مع أن الضلال في بادئ النظر سبب للغضب لتقدّم زمن المغضوب عليهم الذين هم اليهود على زمن الضالين الذين هم النصارى أو لأن اليهود أشدّ في الكفر والعناد وأعظم في الخبث والفساد وأشدّ عداوة للذين آمنوا وأيضا فإن اليهود كفروا بنبينا محمد وعيسى عليهما وعلى آلهما الصلاة والسلام بخلاف النصارى فإنهم كفروا بمحمد وآمنوا بعيسى

(قوله فهؤلاء لعبدى الخ) أى أن هذه الآيات مختصة بالعبد لأنها دعاء بالتوفيق إلى صراط من أنعم عليها والعصمة من صراط الضالين المخالفين. وقد وعد الله العبد بأن له ما سأله والله لا يخلف الميعاد

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مالك في الموطأ وأحمد ومسلم والنسائى والترمذى

(ص) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ السَّرْحِ، قَالَا: نَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَحْمُودِ

<<  <  ج: ص:  >  >>