في الصلاة أم في غيرها فإن أتي بترجمته في صلاة بدلا عن القراءة لم تصح صلاته سواء أحسن القراءة أم لا (وبه قال) جماهير العلماء منهم مالك وأحمد وداود (وقال أبو حنيفة) تجوز وتصح به الصلاة مطلقا (وقال) أبو يوسف ومحمد يجوز للعاجز دون القادر (واحتج) لأبى حنيفة بقول الله تعالى "قل الله شهيد بينى وبينكم وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به" قال والعجم لا يعقلون الإنذار إلا بترجمته (وفي الصحيحين) أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال أنزل القرآن على سبعة أحرف (وعن) سلمان الفارسى رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أن قوما من الفرس سألوه أن يكتب لهم شيئا من القرآن فكتب لهم فاتحة الكتاب بالفارسية (ولأنه ذكر) فقامت ترجمته مقامه كالشهادتين في الإسلام (وقياسا) على جواز ترجمة حديث النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم (وقياسا) على جواز التسبيح بالعجمية (واحتج) أصحابنا بحديث عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُأنه سمع هشام بن حكيم يقرأ سورة على غير ما يقرأ عمر فلببه بردائه وأتى به رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "وذكر الحديث" رواه البخارى ومسلم. فلو جازت الترجمة لأنكر عليه صلى الله عليه وعلى آله وسلم اعتراضه في شئ جائز (واحتجوا) أيضا بأن ترجمة القرآن ليست قرآنا لأن القرآن هو هذا النظم المعجز وبالترجمة يزول الإعجاز فلم يجز. وكما أن الشعر تخرجه ترجمته عن كونه شعرا فكذا القرآن (وأما الجواب) عن الآية الكريمة فهو أن الإنذار يحصل وإن نقل إليهم معناه (وأما الجواب) عن الحديث فسبع لغات للعرب. ولأنه يدل على أنه لا يتجاوز هذه السبعة وهم يقولون يجوز بكل لسان. ومعلوم أنها تزيد على سبعة (والجواب عن) فعل سلمان أنه كتب تفسيرها لا حقيقة الفاتحة (وعن الإسلام)"أى عن الشهادتين في الإسلام" أن في حواز ترجمته للقادر على العربية وجهين. فإن قلنا لا يصح فظاهر. وإن قلنا بالمذهب إنه يصح إسلامه فالفرق أن المراد معرفة اعتقاده الباطن. والعجمية كالعربية في تحصيل ذلك (وعن القياس) على الحديث والتسبيح أن المراد بالقرآن الأحكام والنظم المعجز بخلاف الحديث والتسبيح (هذه طريقة أصحابنا في المسألة) وبسطها إمام الحرمين في الأساليب فقال عمدتنا أن القرآن معجز والمعتمد في إعجازه اللفظ. قال ثم تكلم علماء الأصول في المعجز منه فقيل الإعجاز في بلاغته وجزالته وفصاحته المجاوزة لحدود جزالة العرب. والمختار أن الإعجاز في جزالته مع أسلوبه الخارج عن أساليب كلام العرب. والجزالة والأسلوب يتعلقان بالألفاظ ثم معنى القرآن في حكم التابع للألفاظ فحصل من هذا أن اللفظ هو المقصود المتبوع والمعنى تابع. فنقول بعد هذا التمهيد ترجمة القرآن ليست قرآنا بإجماع المسلمين. ومحاولة الدليل لهذا تكلف فليس أحد يخالف في أن من تكلم بمعنى القرآن بالهندية ليست قرآنا وليس ما لفظ به قرآنا ومن خالف في هذا كان مراغما جاحدا. وتفسير شعر امرئ القيس ليس شعره فكيف يكون تفسير القرآن قرآنا. وقد سلموا