للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها

(قوله ومن فتنة المحيا والممات) أى وأعوذ بك من الفتة زمن الحياة وزمن الموت. ويجوز أن يراد بها الفتنة عند الموت وأضيفت إليه لقربها منه ويكون المراد بفتنة المحيا حينئذ ما قبل ذلك. ويجوز أن يراد بها فتنة القبر "ولا يقال" إنه مكرر مع قوله أعوذ بك من عذاب القبر "لأن العذاب" مرتب على الفتنة ومسبب عنه والسبب غير المسبب. وروى البخارى عن أسماء مرفوعا إنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريبا من فتنة الدجال. وروى الترمذى في نوادر الأصول عن سفيان الثورى أن الميت إذا سئل من ربك تراءى له الشيطان يشير إلى نفسه إني أنا ربك

(قوله أعوذ بك من المأثم والمغرم) المراد بالمأثم الأمر الذى يأثم الإنسان بارتكابه كالزنا وشرب الخمر وغيرهما من المعاصى. أو هو الإثم نفسه وضعا للمصدر موضع الاسم. والمغرم مصدر وضع موضع الاسم قيل يراد به مغرم الذنوب والمعاصى فيكون مرادفا للمأثم. وقيل المغرم الدين كالغرم ويراد به ما استدين فيما يكرهه الله تعالى أو فيما يجوز ثم عجز عن أدائه فأما دين احتيج إليه شرعا ويقدر على أدائه فلا يستعاذ منه. وقيل المغرم ما يصيب الإنسان في ماله من ضرر بغير جناية منه (واستعاذ) صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من هذه الأمور وهو معصوم منها تعليما للأمة (واستعاذ) من المسيح مع أنه لم يكن في زمانه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لينشر خبره بين الأمة من جماعة إلى جماعة بأنه كذاب ساع في الأرض بالفساد ساحر فلا يلتبس حاله على المؤمنين عند خروجه ويعلمون أن جميع دعاويه باطلة وإشارة إلى أن الشرّ يستعاذ منه وإن بعد زمنه

(قوله فقال له قائل الخ) هو عائشة كما في رواية النسائى عن معمر عن الزهرى وفيها قالت كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أكثر ما يتعوذ من المغرم والمأثم قلت يا رسول الله ما أكثر ما تتعوذ من المغرم أى أتعجب من كثرة استعاذتك من المغرم. فما الأولى تعجبية والثانية مصدرية فقال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إن الشخص إذا لزمه الدين حدث فكذب في حديثه ووعد فأخلف وعده. وروى الحاكم عن ابن عمر أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال الدين راية الله في الأرض فإذا أراد الله أن يذل عبدا وضعه في عنقه

(فقه الحديث) دلّ الحديث على ثبوت عذاب القبر، وعلى ثبوت الدجال وحصول فتنته وعلى مشروعية الاستعاذة من الفتن والشرور والسؤال من الله تعالى أن يدفعها، وعلى التنفير من الدين وحمله المدين على ارتكاب الكذب والخلف في الوعد اللذين هما من صفات المنافقين

(من أخرج الحديث أيضا) اخرجه البخارى ومسلم والنسائى

(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>