(وإلى جواز) الالتفات بعنقه في الصلاة وصدره إلى القبلة بدون كراهة إذا كان لحاجة وكراهته بدونها ذهبت الأئمة. أما لو التفت بجميع بدنه وتحوّل عن القبلة بطلت باتفاق وإن تحولّ بصدره بطلت عند الحنفية والشافعية.
ولا تبطل عند الحنابلة وكذا المالكية ما لم يكن في القبلة التي يضرّ فيها الانحراف اليسير كالمصلي إلى الكعبة فإن صلاته تبطل متى خرج عن سمتها بوجهه أو بشئ من بدنه ولو أصبعًا ولو بقيت رجلاه وبقي جسده لها
(من أخرج الحديث أيضًا) أخرجه أحمد والنسائي والحاكم وقال صحيح الإسناد
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنِ الأَشْعَثِ -يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمٍ- عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْتِفَاتِ الرَّجُلِ في الصَّلاَةِ فَقَالَ "إِنَّمَا هُوَ اخْتِلاَسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاَةِ الْعَبْدِ".
(ش) (رجال الحديث) (أبو الأحوص) سلام بن سليم تقدم في الجزء الأول صفحة ٢٤٠ و (الأشعث بن سليم) بن أسود الكوفي المحاربي. روى عن الأسود بن هلال والأسود بن يزيد ومعاوية بن سويد وعمرو بن ميمون وجماعة. وعنه شعبة وشريك وأبو الأحوص والثوري وزائدة وآخرون. وثقه النسائي وابن معين وأبو حاتم وأبو داود والبزّار وقال العجلي من ثقات شيوخ الكوفيين وليس بكثير الحديث. توفي سنة خمس وعشرين ومائة. روى له الجماعة
(معنى الحديث)
(قوله فقال هو اختلاس الخ) وفي نسخة فقال إنما هو اختلاس الخ أي اختطاف يختطفه الشيطان من العبد. يقال خلست الشيء خلسًا من باب ضرب اختطفته بسرعة على غفلة واختلسته كذلك.
والمختلس هو الذي يختطف من غير غلبة ويهرب ولو مع معاينة الملك له بخلاف الناهب فإنه يأخذ بقوّة وقهر وبخلاف السارق فإنه يأخذ خفية ولما كان الشيطان قد يشغل المصلى عن صلاته بالالتفات إلى شيء مّا بغير حجة أشبه المختلس لأن المصلى إذا التفت في صلاته يظفر به الشطان في ذلك الوقت يشغله عن الصلاة فربما يغلط أو يسهو لعدم حضور قلبه باشتغاله بغير المقصود
(وقال الطيبي) سمى اختلاسًا لأن المصلي يقبل عليه الرب والشيطان مرتصد له ينتظر ذوات ذلك عليه فإذا التفت اغتنم الشيطان الفرصة فسلبه تلك الحالة اهـ
(ويؤخذ) من الحديث ذمّ الالتفات في الصلاة وكراهته لكن محله ما لم يكن لحاجة كما تقدم
(وما يدل) على ذمّ الالتفات أيضًا ما رواه الترمذي عن أنس قال قال لي رسول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إياك والالتفات في الصلاة فإن الالتفات في الصلاة هلكة فإن كان لابدّ ففي التطوع لا في الفريضة
(وما رواه) أيضًا عن الحارث