للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن للعهد الخارجي والمعهود هو السلام في قوله تعالى "وسلام على عبادة الذين اصطفى" والسلام هنا بمعنى السلامة أي سلمت أيها النبي من المكاره

(وقيل) اسم من أسماء الله تعالى أي السلام حافظ لك من الآفات "فإن قيل" لم عدل عن الوصف بالرسالة إلى الوصف بالنبوّة مع أن الوصف بالرسالة في حق البشر أعمّ "قيل" الحكمة في الوصف بالنبوّة أنها وجدت كذلك في الخارج فإنه تعالى أنزل {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} قبل أن ينزل {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنْذِرْ} فإن قوله {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} أفاد النبوّة لا غير وقوله {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} أفاد الرسالة

(وقيل) إن الحكمة أن يجمع له صلى الله عليه وعلى آله وسلم الوصفان فإنه وصف بالرسالة في آخر التشهد وإن كانت الرسالة تستلزم النبوّة فالتصريح بما أبلغ

"فإن قيل" أيضًا ما الحكمة في العدول عن الغيبة إلى الخطاب مع أن لفظ الغيبة هو الذى يقتضيه السياق كأن يقول السلام على النبي "قيل" إن المصلي لما يقرأ التحيات يستحضر أن هذا الثناء على الله وصل إليه بتعليم النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فيستحضره كأنه أمامه فيخاطبه على أن المحفوظ عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يعمل به وإن لم تعلم الحكمة فيه

(قال) الحافظ قد ورد في بعض طرق حديث ابن مسعود هذا ما يقتضي المغايرة بين زمانه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فيقال بلفظ الخطاب وأما بعده فيقال بلفظ الغيبة ففي الاستئذان من صحيح البخاري من طريق أبى معمر عن ابن مسعود بعد أن ساق حديث التشهد قال وهو بين ظهرانينا فلما قبض قلنا السلام يعني على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كذا وقع في البخاري وأخرجه أبو عوانة في صحيحه والسراج والجوزقي وأبو نعيم الأصبهاني والبيهقي من طرق متعددة إلى أبى نعيم شيخ البخاري فيه بلفظ فلما قبض قلنا السلام على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بحذف لفظ يعني وكذا رواه أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي نعيم قال السبكي في شرح المنهاج بعد أن ذكر هذه الرواية من عند أبى عوانة وحده إن صح هذا عن الصحابة دلّ على أن السلام في الخطاب بعد النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم غير واجب فيقال السلام على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "قلت" قد صح بلا ريب وقد وجدت له متابعًا قويًا قال عبد الرزاق أخبرني ابن جريج أخبرني عطاء أن الصحابة كانوا يقولون والنبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حيّ السلام عليك أيها النبي فلما مات قالوا السلام على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهذا إسناد صحيح

(وأما ما روى) سعيد بن منصور من طريق أبى عبيده بن عبد الله بن مسعود عن أبيه أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم علمهم التشهد فذكره قال فقال ابن عباس إنما كنا نقول السلام عليك أيها النبي إذا كان حيًا فقال ابن مسعود هكذا علمنا وهكذا نعلم

(فظاهر) أن ابن عباس قاله بحثًا وأن ابن مسعود لم يرجع إليه. لكن رواية أبى معمر أصح لأن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه والإسناد إليه مع ذلك ضعيف

<<  <  ج: ص:  >  >>