للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشهورًا واضحًا عند جميع الطوائف حسن أن يطلب لمحمد وآله الصلاة عليهم مثل ما حصل لإبراهيم وآله فهو من باب إلحاق ما لم يشتهر بما اشتهر (ويؤيد) ذلك ختم الطلب المذكور بقوله في العالمين أي أظهر الصلاة على محمَّد وآله في العالمين كما أظهرتها على إبراهيم وآله فيهم. وخص إبراهيم بذكرنا له في الصلاة من بين سائر الأنبياء لأنه أفضل الأنبياء بعد نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ولأنه صلى الله عليه وسلم رأى ليلة الإسراء جميع الأنبياء والمرسلين وسلم على كل نبيّ ولم يسلم أحد منهم على أمته غير إبراهيم فأمرنا صلى الله عليه وآله وسلم أن نثني عليه في آخر كل صلاة إلى يوم القيامة مجازاة على إحسانه (قال العيني) ويقال إن إبراهيم لما فرغ من بناء الكعبة دعالأمة محمَّد وقال اللهم من حجّ هذا البيت من أمة محمَّد فهبه مني السلام وكذلك دعا أهله وأولاده بهذه الدعوة فأمرنا بذكرهم في الصلاة مجازاة على حسن صنيعهم اهـ

(قوله وبارك على محمَّد) البركة الزيادة في الخير والكرامة وقيل التطهير من العيوب والتزكية وقيل هي الثبات على الخير من قولهم بركت الإبل أي ثبتت على الأرض. ومنه بركة الماء بكسر الموحدة وسكون الراء لثبات الماء فيها والمراد أن يعطى النبي صل الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وآله من الخير أوفاه وأن يثبت لهم ذلك ويستمرّ دائمًا

(قوله إنك حميد مجيد) هو كالتعليل لما قبله لأن المطلوب تكريم الله لنبيه وثناؤه عليه والتنويه به وزيادة تقريبه وذلك مما يستلزم طلب الحمد والمجد والمعنى إنك فاعل ما تستوجب به الحمد من النعم المترادفة كريم بكثرة "الإحسان إلى عبادك وحميد فعيل من الحمد بمعنى محمود وأبلغ منه وهو من حصل له من صفات الحمد أكملها. ومجيد من المجد وهو صفة من كمل في الشرف وهو مستلزم للعظمة والجلال (واستدلّ) بهذا الحديث على وجوب الصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد التشهد للأمر المذكور فيه. وبه قال عمر وابنه عبد اللهو ابن مسعود والشعبي ومحمد بن كعب القرظي وأبو جعفر الباقر والهادي والقاسم والشافعي وأحمد وإسحاق وابن المواز واختاره ابن العربي (لكن لا يتمّ) الاستدلال على وجوب الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد التشهد بالأمر في حديث الباب وأشباهه لأن غايته الأمر بمطلق الصلاة عليه وهو يقتضي الوجوب في الجملة فيحصل الامتثال بإيقاع فرد منها ولو خارج الصلاة فليس في الأحاديث زيادة على ما في قوله تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) ويمكن الاستدلال على وجوب الصلاة عليه بعد التشهد بما أخرجه ابن حبان والحاكم والبيهقي وابن خزيمة والدارقطني من حديث ابن مسعود وفيه كيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا (وغاية) هذه الزيادة أن يتعين بها محل الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو مطلق الصلاة وليس فيها ما يفيد إيقاعها بعد التشهد لكن قرّب البيهقي ذلك بأن الآية لما نزلت وكان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قد علمهم

<<  <  ج: ص:  >  >>