الله عليه وآله وسلم لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة لأن إسلام أبي هريرة كان سنة سبع من الهجرة. وحديث أبي هريرة مثبت وحديث ابن عباس ناف والمثبت مقدم علي النافي.
على أن حديث ابن عباس ضعيف لأنه من رواية أبي قدامة وفيه مقال كما تقدم، قال ابن عبد البر هو منكر لأن أبا هريرة الذي روى سجوده في المفصل لم يصحب النبي صلي الله تعالى عليه وعلي آله وسلم إلا بالمدينة وقد روى عنه الثقات أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سجد في النجم اهـ.
ولا يقال إن حديث أبي هريرة أيضًا ضعيف لأنه من طريق عبد الله ابن ميناء وهو مجهول قال ابن القطان. لأنه روى من طرق أخرى: فقد رواه النسائي من طريق المعتمر عن قرة عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال سجد أبو بكر وعمر ومن هو خير منهما صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) و (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ).
وروى أيضًا من طريق عمرو بن حزم عن بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة قال سجدنا مع النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في إذا السماء انشقت واقرأ اسم ربك. وروى مسلم من طريق يزيد بن حبيب عن صفوان بن سليم عن عبد الرحمن الأعرج مولى بني مخزوم عن أبي هريرة أنه قال سجدنا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) و (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ)
(وبهذا) تعلم رد قول من قال إن عمل أهل المدينة استمر بعد النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على ترك السجود في المفصل. وفي بعض النسخ زيادة نصها "قال أبو داود أسلم أبوهريرة سنة ست عام خيبر وهذا السجود من رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم آخر فعله"
(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد ومسلم والنسائي والترمذي والبيهقي وابن ماجه
(ص) حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ نَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي نَا بَكْرٌ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ فَقَرَأَ (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) فَسَجَدَ فَقُلْتُ مَا هَذِهِ السَّجْدَةُ قَالَ سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- فَلاَ أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ.
(ش) (رجال الحديث) (المعتمر) بن سليمان تقدم بالأول صفحة ٢٥٨ , وأبوه سليمان ابن طرخان تقدم بالثاني صفحة ١٠٧. و (بكر) بن عبد الله المزني. تقدم بالأول صفحة ١٩٨ و (أبو رافع) نفيع الصائغ تقدم بالثاني صفحة ٢٧٧
(معنى الحديث)
(قوله العتمة) أي العشاء الآخرة
(قوله فسجد) أي سجدة التلاوة حال الصلاة
(قوله ما هذه السجدة) استفهام إنكاري, وفي رواية للبخاري عن أبي سلمة قال