كما رواه الترمذي عنهم وقال إنه أصح، ورواه العراقي عن الأوزاعي والشافعي وأبي ثور وحكاه القاضي عياض عن كافة أهل الفتيا: وقالوا إن من أوتر أول الليل ثم قام يتهجد يصلي شفعًا شفعًا حتى يصبح ولا يعيد الوتر لأن الرجل إذا أوتر أول الليل فقد قضى وتره فإذا هو نام بعد ذلك ثم قام وتوضأ وصلى ركعة أخرى فهذه صلاة غير تلك الصلاة وغير جائز في النظر أن تتصل هذه الركعة بالأولى التي صلاها أول الليل فلا يصيران صلاة واحدة وبينهما نوم وحدث ووضوء وكلام إنما هما صلاتان متباينتان كل واحدة غير الأخرى، فمن فعل ذلك فقد أوتر ثلاث مرات: مرة في أول الليل ومرة بهذه الركعة التي نقض بها الوتر ثم إذا هو أوتر آخر صلاته صار موترًا مرة ثالثة، وخالف حديث اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا لأنه جعله في أول الليل ووسطه وآخره، وخالف حديث لا وتران في ليلة لأنه أوتر ثلاث مرات هذا وقد تقدم أن الأمر في حديث اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا للندب لحديث عائشة الطويل عند مسلم وفيه فيصلي التاسعة ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم يسلم تسليمًا يسمعنا ثم يصلي ركعتين وهو جالس، وتقدم للمصنف نحوه في "باب صلاة الليل" وحديث أم سلمة كان يصلي بعد الوتر ركعتين رواه الترمذي، وحديث أبي أمامة عند أحمد كان يصليهما بعد الوتر وهو جالس يقرأ فيهما (إِذَا زُلْزِلَتِ) و (قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ).
وذكر ابن نصر آثارًا تدل على أن الوتر لا ينقض فقال سئلت عائشة عن الرجل يوتر ثم يستيقظ فيشفع بركعة ثم يوتر بعد قالت ذاك الذي يلعب بوتره.
وعن أبي هريرة إذا صليت العشاء صليت بعدها خمس ركعات ثم أنام فإن قمت صليت مثنى مثنى وإن أصبحت أصبحت على وتر.
وسئل رافع بن خديج عن الوتر فقال أما أنا فإني أوتر من أول الليل فإن رزقت شيئًا من آخره صليت ركعتين ركعتين حتى أصبح.
وعن علقمة إذا أوترت ثم قمت فاشفع حتى تصبح. وعن جعفر قال سألت ميمونًا عن الرجل يوتر من آخر الليل وهو يرى أنه قد دنا الصبح فينظر فإذا عليه ليل طويل فأيهما أحب إليك؟ أيجلس حتى يصبح بعد وتره أم يصلي مثنى مثنى فقال لا، بل يصلي مثنى مثنى حتى يصبح.
وقيل للأوزاعى فيمن أوتر في أول الليل ثم استيقظ آخر ليلته أله أن يشفع وتره بركعة ثم يصلي شفعًا شفعًا حتى إذا تخوف الفجر أوتر بركعة فكره ذلك وقال بل يصلي بقية ليلته شفعًا شفعًا حتى يصبح وهو على وتره الأول.
وقال مالك من أوتر من أول الليل ثم نام ثم قام فبدا له أن يصلي فليصل مثنى مثنى وهو أحب ما سمعت إليّ. وسئل أحمد فيمن أوتر أول الليل ثم قام يصلي قال يصلي ركعتين قيل وليس عليه وتر قال لا. وما ذكره هؤلاء هو الراجح.
قال ابن نصر هو أحب إليّ وإن شفع وتره اتباعًا للأخبار التي رويناها رأيته جائزًا اهـ