يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون" وفي الثانية " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالًا مبينًا"
قال في الفتح والأكمل أن يقرأ في كل منهما السورة والآية: الأوليين في الأولى: والأخريين في الثانية اهـ
(وظاهر الحديث) عدم التقييد بشيء مما ذكر فله أن يقرأ فيهما ما شاء وقال بعضهم لا يجزئ في صلاة الاستخارة النوافل الراتبة ونحوها والحكمة في تقديم الصلاة على الدعاء أن المراد من الاستخارة حصول الجمع بين خيري الدنيا والآخرة فيحتاج إلى قرع باب الملك ولا شيء لهذا أنجع من الصلاة لما فيها من تعظيم الله تعالى والثناء عليه وإظهار الافتقار إليه حالًا ومآلًا. هذا ولم يعين لها في الحديث وقت فذهب بعضهم إلى جوازها في كل الأوقات والجمهور علي أنها تؤدى في غير أوقات النهي
(قوله وليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك) أي أطلب منك الإرشاد إلى أصلح الأمرين بسبب أنك تعلم ما فيه المصلحة وأنا أجهله, فالباء فيه للسببية, ويحتمل أنها للاستعطاف أي أسألك بحق علمك الشامل, ونظيره قوله تعالى "رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرًا للمجرمين "وفي رواية البخاري والنسائي ثم يقول وفيه إشارة إلى أن الدعاء بعد الصلاة فلو دعا في أثناء الصلاة لا يجزئ ويحتمل الإجزاء علي رواية المصنف
(قوله وأستقدرك بقدرتك) أي أطلب منك القدرة على ما هو الأحسن حال كوني مستعينًا بقدرتك فالسين والتاء للطلب والباء للاستعانة ويحتمل أن يكون المعنى أطلب منك أن تقدره وتيسره لي بسبب أنك قادر عليه, فيكون أستقدرك من التقدير, والباء في قوله بقدرتك للسببية
(قوله وأسألك من فضلك العظيم) فيه إشارة إلى أن إعطاء الله بفضله وليس لأحد حق عليه
(قوله فإنك تقدر الخ) أي على كل شيء من الممكنات تعلقت به إرادتك ولا أقدر على شيء منها إلا ما أقدرتني عليه, وتعلم جميع الأشياء خيرها وشرها بعلمك المحيط ولا أعلم شيئًا إلا ما أعلمتني به. وفي هذا إشارة إلى أن العلم والقدرة الكاملين لله وحده وليس للعبد شيء إلا ما قدره الله له
(قوله وأنت علام الغيوب) أي كثير العلم بما يغيب عن سواك فإنك تعلم السر وأخفى, وذكر هذه الجملة بعد ما تقدم من باب المبالغة في الثناء وفي الكلام اكتفاء أي وأنت علام الغيوب وأنت على كل شيء قدير, وقدم العلم أولًا للإشارة إلى عمومه لجميع الأشياء. وقدم القدرة ثانيًا إشارة أنها الأنسب بالمطلوب الذي هو الإقدار علي خير الأمرين
(قوله اللهم فإن كنت تعلم الخ) هكذا بالفاء في رواية للبخاري وفي رواية له أخري وللنسائي باسقاطها وهي للتفريغ علي ما تقدم, فكأنه قال أطلب منك الإرشاد إلى أحسن الأمرين لإحاطة علمك بجميع الأشياء ولتعلق قدرتك بجميع الممكنات فإن كنت تعلم الخ. ويحتمل أنه مفرع على محذوف أي يا الله قد أشكل عليّ هذا الأمر فإن كنت تعلم الخ أي إن كان في علمك أن هذا الأمر الذي أريده خير لي الخ , فالشك في متعلق العلم لا في أصل