(وقد ذكر) ابن سعد أن الهزيمه كانت على الروم والصحيح ما ذكره ابن إسحاق أن كل فئه انحازت عن الأخرى وأطلع الله سبحانه على ذلك رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من يومهم ذلك فأخبر به أصحابه وقال: لقد رفعوا لي في الجنة فيما يرى النائم على سرر من ذهب فرأيت في سرير عبد الله بن رواحة ازورارًا عن سرير صاحبيه فقلت عم هذا؟ فقيل لي مضيا وتردد عبد الله بعض التردد ثم مضى
(وذكر عبد الرزاق) عن ابن عيينة عن ابن جدعان عن ابن المسيب قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مثل لي جعفر وزيد وابن رواحة في خيمة من در كل واحد منهم على سرير فرأيت زيدًا وابن رواحة في أعناقهما صدود ورأيت جعفرًا مستقيمًا ليس فيه صدود قال فسألت أو قيل لي إنهما حين غشيهما الموت عرضًا أو كأنهما صدّا بوجههما وأما جعفر فإنه لم يفعل وقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في جعفر: إن الله أبدله بيديه جناحان يطير بهما في الجنة حيث شاء
(قال ابن عبد البر) وروينا عن ابن عمر أنه قال وجدنا ما بين صدر جعفر ومنكبيه وما أقبل من تسعين جراحه ما بين ضربه بالسيف وطعنه بالرمح (وقال) موسى بن عقبة قدم يعلى بن منبه على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بخبر أهل مؤته فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إن شئت فأخبرتك: قال أخبرني يا رسول الله فأخبره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خبرهم كله ووصفهم له فقال: والذي بعثك بالحق ما تركت من حديثهم حرفًا واحدًا لم تذكره وإن أمرهم لكما ذكرت, فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: إن الله رفع لي الأرض حتى رأيت معتركهم, واستشهد يومئذ وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة ومسعود بن الأوس. ووهب بن سعد بن أبي سرح وعباد بن قيس وحارثه بن النعمان وسراقة بن عمر بن عطية وأبو كليب وجابر ابنا عمرو بن زيد وعامر وعمرو ابنا سعيد ابن الحارث
(فقه الحديث) دل الحديث على مشروعية الجلوس في المسجد عند المصيبة وعلى أنه ينبغي لمن أصيب بمصيبه أن يقتدي بالنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الاعتدال: فلا يبالغ في الحزن حتى يقع في المحظور من لطم الوجه وشق الثوب والصياح والدعاء بما لا ينبغى ولا يبالغ في التجلد مظهرًا الاستخفاف بالمصيبة بل يجلس خاشعًا تبدو عليه علامة الحزن وعلى جواز نظر النساء المحتجبات إلى الرجال الأجانب, ومحل ذلك ما لم يكن بشهوة وعلى جواز تأديب من نهى عن منكر ولم ينته