للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناصية بربع الرأس وقالوا إن الباء في قوله تعالى "وامسحوا برءوسكم" للتبعيض ويدلّ عليه اتفاق الجميع على جواز ترك القليل من الرأس في المسح والاقتصار على بعض وقالوا لا منافاة بين كونها للتبعيض هنا ومعناها الأصلى الذى هو الإلصاق لأنها تكون مستعملة للإلصاق في البعض المفروض، أفاده العينى (وقال) التحقيق في هذا الموضوع أن الباء للإلصاق فإن دخلت في آلة المسح نحو مسحت الحائط بيدى يتعدى إلى المحل فيتناول محله وإن دخلت في المحل نحو فامسحوا برءوسكم لا يتناول كل المحل فإذا لم يتناول كل المحل يقع الإجمال في قدر المفروض منه ويكون الحديث مبينا لذلك اهـ ومراده بالحديث حديث المغيرة المتقدم (وذهبت) الشافعية إلى أن الواجب ما يطلق عليه اسم المسح ولو شعرة واحدة أو بعض شعرة في حدّ الرأس يحيث لا يخرج الممسوح عنه لما صح من مسحه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لناصيته وعلى عمامته الدالين على الاكتفاء بمسح البعض إذ لم يقل أحد بخصوص الناصية، والاكتفاء بها يمنع وجوب الاستيعاب أو الربع لأنها دونه ولأن الباء الداخلة في حيز متعدد كالآية للتبعيض وغيره كما في قوله تعالى "وليطوّفوا بالبيت العتيق" للإلصاق (وحكي) ذلك عن ابن عمر والحسن البصرى وسفيان الثورى وداود (وذهب) مالك وأحمد وجماعة إلى وحوب استيعاب المسح وهو الظاهر (وقال) بعض المالكية يكفى مسح الثلثين، وبعضهم يكفي مسح الثلث (واحتج) من قال بوجوب استيعاب المسح بحديث الباب لأن اسم الرأس حقيقة في العضو كله، وبما أخرجه ابن خزيمة عن إسحاق بن عيسى بن الطباع قال سألت مالكا عن الرجل يمسح مقدّم رأسه في وضوئه أيجزئه ذلك فقال حدثني عمر بن يحيى عن أبيه عن عبد الله بن زيد قال مسح رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في وضوئه من ناصيته إلى قفاه ثم ردّ يديه إلى ناصيته فمسح رأسه كله، وبقوله تعالى "وامسحوا برءوسكم" بجعل الباء زائدة (قال) الزرقاني في شرح الموطأ ولم ينقل عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنه مسح بعض رأسه إلا في حديث المغيرة أنه مسح على ناصيته وعمامته رواه مسلم. قال علماؤنا ولعل ذلك كان لعذر بدليل أنه لم بكتف بمسح الناصية حتى مسح على العمامة إذ لو لم يكن مسح كل الرأس واجبا ما مسح على العمامة، واحتجاج المخالف بما صح عن ابن عمر من الاكتفاء يمسح بعض الرأس ولم يصح عن أحد من الصحابة إنكار ذلك لا ينهض إذ المحتلف فيه لا يجب إنكاره وقول ابن عمر لم يرفعه فهو رأى له فلا يعارض المرفوع اهـ (وقال) ابن القيم لم يصح عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه ألبتة ولكن كان إذا مسح بناصيته كمل على العمامة. فأما حديث أنس الذى رواه أبو داود رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتوضأ وعليه عمامة قطرية فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدّم رأسه ولم ينقض العمامة فمقصود أنس به أن النبى صلى الله تعالى عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>