وقد روى أنس بن مالك ما يدلّ على ما ذكرنا فأخرج بسنده عن عمرو بن عامر عن أنس بن مالك قال أتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بوضوء فتوضأ منه فقلت لأنس أكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتوضأ عند كل صلاة قال نعم قلت فأنتم قال كنا نصلى الصلوات بوضوء، وقال فهذا أنس قد علم حكم ما ذكرنا من فعل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولم ير ذلك فرضا اهـ أي بل كان ذلك لإصابة الفضل وإلا لما وسعه ولا غيره أن يخالفوه (وقال) ابن شاهين لم يبلغنا أن أحدا من الصحابة والتابعين كانوا يتعمدون الوضوء لكل صلاة إلا ابن عمر وفيه نظر لأنه روى ابن أبى شيبة حدثنا وكيع عن ابن عون عن ابن سيرين كان الخلفاء يتوضؤون لكل صلاة، وفي لفظ كان أبو بكر وعمر وعثمان يتوضؤون لكل صلاة (وقال) بعضهم يمكن حمل الآية على ظاهرها من غير نسخ ويكون الأمر في حق المحدثين على الوجوب وفى حق غيرهم للندب لكن قد علمت أن هذا لا يصح لما تقدّم من أنه يكون من باب الألغاز ذكره العيني في شرح البخارى
(فقه الحديث) والحديث يدلّ على أنه يستحب الوضوء لكل صلاة (قال) النووى في شرح مسلم وفي شرط استحباب التجديد أوجه (أحدها) أنه يستحب لمن صلى به صلاة سواء أكانت فريضة أم نافلة (الثانى) لا يستحب إلا لمن صلى فريضة (الثالث) يستحب لمن فعل به ما لا يجوز إلا بطهارة كمسّ المصحف وسجود التلاوة (الرابع) يستحب وإن لم يفعل به شيئا أصلا بشرط أن يتخلل بين التجديد والوضوء زمن يقع بمثله تفريق ولا يستحب تجديد الغسل على المذهب المشهور، وفي استحباب تجديد التيمم وجهان أشهرهما لا يستحب اهـ ودلّ الحديث أيضا على مشروعية تأدية صلوات كثيرة بوضوء واحد
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى والنسائى والبيهقي وابن ماجه والترمذى وقال حديث حسن صحيح وكذا الطحاوى بلفظ تقدّم