للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يرد بذكر هذين النوعين من الحدث تخصيصهما وقصر الحكم عليهما حتى لا يحدث بغيرهما وإنما هو جواب خرج على طريق المسألة التى سأل عنها السائل وقد دخل في معناه كل ما يخرج من السبيلين وقد يخرج منه الريح ولا يسمع لها صوتا ولا يجد لها ريحا فيكون عليه استئناف الوضوء إذا تيقن ذلك وقد يكون بأذنه وقر فلا يسمع الصوت أو يكون أخشم فلا يجد الريح والمعنى إذا كان أوسع من الاسم كان الحكم للمعنى وهذا كما روى أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال "إذا استهل الصبى ورث" لم يرد تخصيص الاستهلال الذى هو الصوت دون غيره من أمارات الحياة من حركة وقبض وبسط ونحوها اهـ والحديث الذى أشار إليه رواه المصنف عن أبى هريرة في باب المولود يهلّ ثم يموت (وحديث الباب) أصل من أصول الإسلام وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك ولا يضرّ الشك الطارئُ عليه فمن ذلك مسألة الباب التى ورد فيها الحديث وهي أن من تيقن الطهارة وشك في الحدث حكم ببقائه على الطهارة لا فرق بين حصول الشك في الصلاة وحصوله خارجها وهذا مذهب جماهير العلماء من السلف والخلف ووافقهم ابن نافع من المالكية واستدلوا بحديث الباب قائلين إن التقييد فيه بالصلاة إنما وقع في السؤال فهى واقعة حال لا تفيد التقييد ويدلّ عليه ما رواه مسلم من حديث أبى هريرة أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شئ أم لا فلا يخرجنّ من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا والمراد بالمسجد الصلاة جمعا بين الروايات ففيه إطلاق اسم المحل على الحال، وللمالكية في المسألة قولان آخران فذهب الجمهور منهم إلى أنه إن شك في الحدث قبل الدخول في الصلاة بطل وضوءه ولا يجوز له الدخول في الصلاة إلا بطهارة متيقنة أما إن شك أثناء الصلاة فإنه يتمادى ولا يقطعها لحرمتها ما لم يتبين حدثه فإن تبين طهره فلا شئ عليه وإن دام على شكه أو تبين حدثه أعاد الوضوء والصلاة وهذا هو المشهور واستدلوا بظاهر حديث الباب وقالوا الفرق بين من كان في الصلاة وغيره أن من دخل في الصلاة دخل بوجه جائز فلا تبطل الصلاة التى دخل فيها إلا بيقين وهو ما نص عليه في الحديث بخلاف من كان خارج الصلاة. لكن قد علمت أن التقييد في الحديث بالصلاة إنما هو واقعة حال لا تفيد التخصيص ويردّ عليهم أن الشك في الحدث شك في المانع والشك في المانع لا يؤثر لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يقوم دليل على خلافه كما هو مقرّر (وأجيب) بأن الشك في المانع لما كان مستلزما لدخول الصلاة شاكا في بقاء الطهارة والطهارة شرط والشك في الشرط شك في المشروط والصلاة في ذمته بيقين فلا يبرأ منها إلا بطهارة متيقنة فلذا وجب الوضوء (وقال) ابن حبيب إذا خيل

<<  <  ج: ص:  >  >>