للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اهـ. وحاصله أن حديث زيد غلط لأن عروة أنكر سماع نقض الوضوء من مس الذكر بعد أن أخبره مروان بسماعه من بسرة وإثباته ذلك وكان ذلك بعد موت زيد بن خالد بزمن طويل فلو كان حديث زيد ثابتا ما أنكر عروة مدلوله على مروان، وما قاله الطحاوى من تقدّم موت زيد بن خالد الجهنى توهم منه ولا ينبغى لأهل العلم أن يطعنوا في الأخبار بالتوهم فإن المعوّل عليه أن زيد بن خالد مات سنة ثمان وسبعين من الهجرة ومروان بن الحكم مات سنة خمس وستين كما تقدم فيجوز أن يكون عروة لم يسمعه من أحد حين سأله مروان ثم سمعه من بسرة ثم سمعه من زيد بن خالد فعلم أن حديث زيد بن خالد الذى أخرجه أحمد والطحاوى ثابت يحتج به على نقض الوضوء من مس الذكر فإن رجاله كلهم ثقات محتج بهم فلا معنى لردّه وأن عروة روى الحديث عن كلّ من مروان وزيد بن خالد وثبت بإقرار الطحاوى أيضا أن زيد بن خالد الجهنى لم يحدّث عروة قبل تحديث مروان له وأن الطحاوى بنى كلامه على رواية ضعيفة وهي موت زيد بن خالد في خلافة معاوية وترك رواية الأكثرين (وذهب) على وابن مسعود وعمار والحسن البصرى وربيعة والعترة والثورى وأبو حنيفة وأصحابه إلى أن مسّ الذكر غير ناقض للوضوء. واحتجوا بحديث طلق الآتى بعد هذا وقال الطحاوى فيه إسناده مستقيم غير مضطرب وصححه الطبرانى وابن حزم وقال ابن المدينى هو أحسن من حديث بسرة. وبما رواه الطحاوى في شرح معاني الآثار عن على رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قال ما أبالى أنفى مسست أو أذنى أو ذكرى. وبما رواه أيضا عن ابن مسعود وحذيفة نحوه وقالوا في حديث بسرة إنه خبر آحاد فيما تعمّ به البلوى ولو ثبت لاشتهر، وعلى تسليم ثبوته فهو محمول على غسل اليد لأن الصحابة كانوا يستنجون بالأحجار فإذا مسوه بأيديهم تلوّثت خصوصا في أيام الصيف. وبعضهم سلك طريق الجمع بين الروايتين فجعل مس الذكر كناية عما يخرج منه لأن مسه يعقبه غالبا خروج الحدث كما كنى تعالى بالمجئ من الغائط عن قضاء الحاجة لكن حديث طلق قد ضعفه الشافعى والدارقطنى والبيهقى وابن الجوزى وقال الشافعى قد سألنا عن قيس بن طلق فلم نجد من يعرفه فيم يكون لنا قبول خبره، وقال أبو حاتم وأبو زرعة قيس بن طلق ليس ممن تقوم به حجة. وعلى تسليم صحته فهو منسوخ بحديث بسرة لأنها أسلمت عام الفتح سنة ثمان من الهجرة وطلق قدم على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو يبنى المسجد في السنة الأولى من الهجرة. ففى الدارقطنى حدثنا إسماعيل بن يونس بن ياسين نا إسحاق ابن أبى إسراءيل نا محمد بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه قال أتيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهم يؤسسون مسجد المدينة قال وهم ينقلون الحجارة قال فقلت يا رسول الله ألا ننقل كما ينقلون قال لا ولكن اخلط لهم الطين يا أخا اليمامة فأنت أعلم به فجعلت أخلط لهم

<<  <  ج: ص:  >  >>