عن حديث قائما فأمر بحبسه فقيل له إنه قاض فقال القاضى أحقّ من أدّب، وكان إذا رفع أحد صوته في مجلسه زجره ويقول قال الله تعالى "يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبىّ" فمن رفع صوته عند حديث رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فكأنما رفع صوته فوق صوت النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في حال حياته، وكان يحتاط ويتوقى لدينه في الفتوى فقد كان يقول للسائل انصرف حتى أنظر فقيل له في ذلك فبكى وقال أخاف أن يكون لى من السائل يوم وأىّ يوم وإذا أكثروا سؤاله منعهم وقال حسبكم من أكثر فقد أخطأ ومن أحب أن يجيب عن كل مسألة فليعرض نفسه على الجنة والنار ثم يجيب، وسئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال في ثنتين وثلاثين منها لا أدرى وقال ينبغى للعالم أن يورّث جلساءه لا أدرى ليتخذوه أصلا في أيديهم يفزعون إليه، وكان مهيبا حتى إذا أجاب في مسألة لا يقال له من أين، روى عن عامر بن عبد الله بن الزبير وزيد بن أسلم ونافع مولى ابن عمر وحميد الطويل وغيرهم مما يبلغ نحو التسعمائة شيخ. وعنه خلق لا يحصون منهم الشافعى ومحمد بن إبراهيم بن دينار. وعنه من شيوخه من التابعين ابن شهاب وأيوب السختيانى ويحيى بن سعيد وهشام بن عروة، ومن أقرانه السفيانان والحمادان والليث والأوزاعي وأبو حنيفة، وله مناقب جليلة، روى الترمذى عن أبى هريرة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم فلا يجدون أحدا أعلم من عالم المدينة قال هذا حديث حسن، قال عبد الرزاق وسفيان بن عيينة إنه مالك بن أنس، قال يحيى بن سعيد القطان ما في القوم أصح حديثا من مالك، وقال الشافعى إذا ذكر العلماء فمالك النجم وهو حجة الله تعالى على خلقه، وقال ابن مهدى ما رأيت أحدا أشدّ تقوى من مالك وروى أن المنصور منعه من رواية الحديث في طلاق المكره ثم دس عليه من يسأله فروى على ملأ من الناس ليس على مستكره طلاق فضربه بالسياط، ولم يترك رواية الحديث، ولما حج الرشيد سمع عليه الموطأ وأعطاه ثلاثة آلاف دينار ثم قال له ينبغى أن تخرج معنا فإنى عزمت على أن أحمل الناس على الموطأ فقال أما حمل الناس على الموطأ فليس إلى ذلك سبيل فإن أصحاب النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تفرّقوا بعده في البلاد فعند كل أهل مصر علم وقد قال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اختلاف أمتى رحمة. ذكره البيهقى في الرسالة الأشعرية وأورده الحليمى وإمام الحرمين وغيرهما وأما الخروج معك فلا سبيل إليه قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون وهذه دنانيركم كما هي فلا أوثر الدنيا على مدينة رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم، وقال الشافعى رأيت على باب مالك كراعا من أفراس خراسان وبغال مصر ما رأيت أحسن منه فقلت له ما أحسنه فقال هو هدية منى إليك فقلت دع لنفسك منها دابة تركبها فقال إنى أستحى من الله تعالى أن أطأ تربة فيها رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بحافر دابة، وأخرج ابن عبد البر وغيره عن مصعب بن عبد الله الزبيرى عن أبيه قال كنت جالسا بمسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مع مالك فجاء رجل