للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشام وكأنه مقلوب "فإن قلت" كيف نظر ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما ما إلى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو في تلك الحالة وهو لا يجوز "قلت" وقع ذلك منه اتفاقا لأنه إنما صعد السطح لضرورة له فحانت منه التفاتة كما في رواية للبخارى والبيهقى فنقل ما رآه، وقال الكرمانى يحتمل أن يكون ابن عمر قصد ذلك ورأى رأسه دون ما عداه من جسده ثم تأمل قعوده فعرف كيف هو جالس ليستفيد فعله فنقل ما شاهده وفيه نظر (فقه الحديث) دلّ الحديث على أنه ينبغى الوقوف على هدى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حتى فيما يطلب إخفاؤه وعلى شدة حرص سيدنا عبد الله بن عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما على معرفة أحوال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وعلى جواز الإخبار عن مثل ذلك للاقتداء والعمل، وعلى الرخصة في استدبار القبلة عند قضاء الحاجة في البنيان حيث كان جلوسه في البنيان أخذا مما تقدم عن ابن خزيمة والترمذى وهو من جملة ما استدل به مالك والشافعى وإسحاق وآخرون على جواز استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة في البنيان وأنه مخصص لعموم النهى كما ذكرناه في الباب السابق غير أنه أخص من مدّعاهم لأنه قاصر على الاستدبار وللمانع من الاستقبال والاستدبار مطلقا أن يحمله على أنه قبل النهى أو بعده لكنه مخصوص بالنبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم والنهى لغيره أو كان للضرورة والنهى عند عدمها إذ الفعل لا عموم له فلا يعارض القول لما تقدم من أن فعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا يعارض القول الخاص بنا كما تقرر في الأصول، وأما أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فعل ذلك لبيان الجواز فبعيد وكيف ولم تكن رؤية ابن عمر له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في تلك الحالة عن قصد من ابن عمر ولا من النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بل كانت اتفاقية كما تقدم ومثله لا يكون لبيان الجواز. وقد تقدم بيان الخلاف في ذلك وأن الأرجح أن النهى عام في الصحراء والبنيان وأن تعظيم حرمة القبلة يقتضى التسوية بينهما (من أخرج الحديث أيضا) أخرجه أحمد والشيخان والنسائى وابن ماجه والبيهقى والترمذى وقال حديث حسن صحيح

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «نَهَى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِبَوْلٍ، فَرَأَيْتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ بِعَامٍ يَسْتَقْبِلُهَا»

(ش) (رجال الحديث)

(قوله محمد بن بشار) بن عثمان بن داود بن كيسان العبدى أبو بكر البصرى المعروف ببندار والبندار الحافظ أحد الثقات المشهورين. روى عن روح بن عبادة ومعاذ بن هشام ويحيى القطان وابن مهدى وجماعة. وعنه الأئمة الستة وأبو زرعة وبقىّ ابن مخلد وغيرهم. وثقه العجلى والنسائى وابن خزيمة وقال أبو حاتم صدوق وقال الذهبى

<<  <  ج: ص:  >  >>