للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن ينكر سيلان الدماء من جراحاتهم وأنهم كانوا يصلون على حالهم ولم ينقل عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنه أمرهم بإعادة وضوئهم للصلاة من أجل ذلك، وما تقدم من الأحاديث الدالة على نقضه منه فقد علمت ما فيها (واعترض) بعض الحنفية على حديث جابر بأنه إنما ينهض حجة إذا ثبت اطلاع النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على صلاة الأنصارى ولم يثبت (وأجيب) بأنه يبعد عدم اطلاعه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على مثل هذه الواقعة العظيمة وقد كان الزمان زمان نزول وحى ولم يحدث أمر يتعلق بالدين إلا أوحى الله تعالى به إليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كما هو ظاهر: على أنه قد ثبت عن الثقات اطلاعه على هذه الحادثة وعلى استمرار الأنصارى في الصلاة ولم ينقل أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أخبر بأن صلاته باطلة، ولو كان خروح الدم ناقصا لبين له ذلك لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز "فإن قلت" في إسناد حديث جابر عقيل ابن جابر وهو مجهول كما تقدم عن الذهبي فكيف يصح الاستدلال به "أجيب" بأنها جهالة عين لا جهالة عدالة لأنه انفرد عنه راو واحد وكل من هو كذلك فهو مجهول العين والتحقيق في مجهول العين أنه إن وثقه أحد من أئمة الجرح والتعديل ارتفعت جهالته (قال الحافظ) فإن سمى الراوى وانفرد راو واحد بالرواية عنه فهو مجهول العين كالمبهم إلا أن يوثقه غير من انفرد عنه على الأصح وكذا من انفرد عنه إذا كان متأهلا لذلك اهـ وعقيل بن جابر قد وثقه ابن حبان وصحح حديثه وكذا ابن خزيمة والحاكم وقال عقيل أحسن حالا من أخويه عبد الرحمن ومحمد وقد ذكر الحافظ أنه روى عنه جابر البياضى كما تقدم فارتفعت جهالته وصار حديثه صالحا للاحتجاح به (قال) الخطابى وقد يحتج بهذا الحديث من لا يرى خروج الدم وسيلانه من غير السبيلين ناقصا للطهارة ويقولون لو كان ناقضا للطهارة لكانت صلاة الأنصارى تفسد بسيلان الدم أوّل ما أصابته الرمية ولم يكن يجوز له بعد ذلك أن يركع ويسجد وهو محدث (وإلى) هذا ذهب الشافعى (وقال) أكثر الفقهاء سيلان الدم من غير السبيلين ينقض الوضوء وهذا أحوط المذهبين وبه أقول، وقول الشافعى قوىّ في القياس ومذهبهم أقوى في الاتباع ولست أدرى كيف يصح الاستدلال به والدم إذا سال أصاب بدنه وربما أصاب ثيابه ومع إصابته شيئا من ذلك وإن كان يسيرا لا تصح الصلاة عند الشافعى إلا أن يقال إن الدم كان يخرج من الجراحة على سبيل الزرق حتى لم يصب شيئا من ظاهر بدنه ولئن كان كذلك فهو أمر عجيب اهـ (وقال) النووى في شرح المهذب بعد ذكر حديث جابر وموضع الدلالة أنه خرج دماء كثيرة واستمرّ في الصلاة ولو نقض الدم لما جاز بعده الركوع والسجود وإتمام الصلاة وعلم النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ذلك ولم ينكره وهو محمول على أن تلك الدماء لم يكن يمسّ ثيابه منها إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>