والأقرب القول بأن النوم ناقض لحديث صفوان ولكن لفظ النوم في حديثه مطلق ودلالة الاقتران ضعيفة فلا يقال قد قرن بالبول والغائط وهما ناقضان على كل حال، ولما كان ورود حديث أنس بنوم الصحابة وأنهم كانوا لا يتوضؤون ولو غطوا غطيطا وبأنهم كانوا يضعون جنوبهم وبأنهم كانوا يوقظون والأصل جلالة قدرهم وأنهم لا يجهلون ما ينقض الوضوء ولا سيما الذين كانوا منهم ينتظرون الصلاة معه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإنهم أعيان الصحابة وإذا كانوا كذلك فيقيد مطلق حديث صفوان بالنوم المستغرق الذى لا يبقى معه إدراك ويؤوّل ما ذكره أنس من الغطيط ووضع الجنوب والإيقاظ بعدم الاستغراق فقد يغطّ من هو في مبادئ نومه قبل استغراقه، ووضع الجنب لا يستلزم الاستغراق فقد كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يضع جنبه بعد ركعتي الفجر ولا ينام فإنه كان يقوم لصلاة الفجر بعد وضع جنبه وإن كان قد قيل إنه من خصائصه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنه لا ينقض نومه وضوءه فعدم ملازمة النوم لوضع الجنب معلومة والإيقاظ قد يكون لمن هو في مبادئ النوم فينبه لئلا يستغرقه النوم اهـ (وقال) الخطابى في هذا الحديث من الفقه أن عين النوم ليس بحدث ولو كان حدثا لكان على أىّ حال وجد ناقضا للطهارة كسائر الأحداث التي قليلها وكثيرها وعمدها وخطؤها سواء في نقض الطهارة وإنما هو مظنة للحدث موهم لوقوعه من النائم غالبا فإذا كان بحال من التماسك والاستواء في القعود المانع من خروج الحدث منه كان محكوما له بالسلامة وبقاء الطهارة المتقدمة وإذا لم يكن كذلك بأن يكون مضطجعا أو راكعا أو ساجدا أو قائما أو مائلا إلى أحد شقيه أو على حالة يسهل معها خروج الحدث من حيث لا يشعر بذلك كان أمره محمولا على أنه قد أحدث لأنه قد يكون منه الحدث في تلك الحال غالبا ولو كان نوم القاعد ناقضا للطهارة لم يجز على أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو بين أظهرهم والوحى ينزل عليه أن يصلوا محدثين بحضرته فدلّ على أن النوم إذا كان بهذه الصفة غير ناقض للطهر اهـ
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن النوم الخفيف لا ينقض الوضوء، وعلى مشروعية انتظار صلاة العشاء
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البيهقي والدارقطني بلفظ المصنف من طريق هشام الدستوائى وقال صحيح وأخرجه مسلم من طريق شعبة عن قتادة عن أنس بلفظ كان أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ينامون ثم يصلون ولا يتوضؤون قال قلت سمعته من أنس قلت إى والله ورواه الشافعى في الأم بلفظ إن أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كانوا ينتظرون العشاء فينامون قعودا ثم يصلون ولا يتوضؤون