والحنابلة (وقالت) الحنفية يجوز البناء على ما فعل والأفضل الاستئناف واستدلوا بحديث عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال من أصابه قئ أو رعاف أو قلس أو مذى فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على صلاته وهو في ذلك لا يتكلم أخرجه الدارقطنى وابن ماجه وهو معلول بأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن ابن جريج وهو حجازى ورواية إسماعيل عن الحجازيين ضعيفة، وقد خالفه الحفاظ من أصحاب ابن جريج فرووه مرسلا (وقال) أحمد الصواب عن ابن جريج عن أبيه عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وصوّب البيهقى الإرسال وصححه الذهلى وأبو حاتم وقال رواية إسماعيل خطأ، وردّ بأن ابن عياش قد وثقه ابن معين وغيره وقد زاد في الإسناد عن عائشة والزيادة من الثقة مقبولة، على أن صحة رفع الحديث مرسلا لا نزاع فيها والمرسل حجة عند الحنفية والجمهور كمالك وأحمد في المشهور عنهما وكذا عند الشافعى إن تقوّى بمجيئه من طريق آخر يباين الطريق الأول مسندا كان أو مرسلا صحيحا أو حسنا أو ضعيفا وها هنا كذلك. فقد روى الدارقطنى عن عمر بن رباح ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا رعف في صلاته توضأ ثم بنى على ما بقى من صلاته. وأخرج ابن أبى شيبة في مصنفه نحوه موقوفا على عمر وأبى بكر وعلى وابن مسعود وابن عمر وسلمان الفارسى من الصحابة وموقوفا على علقمة وطاوس وسالم بن عبد الله وسعيد بن جبير والشعبي وإبراهيم النخعى وعطاء ومكحول وسعيد بن المسيب من التابعين وكفى بهؤلاء قدوة (وأجابوا) عن حديث الباب بأنه محمول على من تعمد الحدث، على أن ابن القطان قال في كتابه هذا حديث لا يصح فإن مسلم بن سلام الحنفى مجهول الحال وأخرجه الترمذى بلفظ إذا فسا أحدكم فليتوضأ ولا تأتوا النساء في أعجازهن وقال حديث على بن طلق حديث حسن وسمعت محمدا يقول لا أعرف لعلىّ ابن طلق عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم غير هذا الحديث اهـ. وقال صاحب الكمال في ترجمة على بن طلق روى عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حديث لا تأتوا النساء في أعجازهن اهـ وكلامهما يقوّى ما قاله ابن القطان من أن حديث الباب لا يصح
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن الفساء ناقض للوضوء موجب للخروج من الصلاة وهو مجمع عليه ويقاس عليه غيره من النواقض، وعلى أن من طرأ عليه حدث في الصلاة لا يبني على ما فعله بل يستأنفها
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه النسائى في عشرة النساء والدارقطنى وابن حبان في صحيحه وأخرجه الترمذى في باب ما جاء في كراهية إتيان النساء في أدبارهن من أبواب الرضاع بلفظ تقدم وقد علمت قول ابن القطان إنه لا يصح