للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الموصل

(قوله ولكنه أطهر وخير) أى أكمل طهارة للبدن وأفضل ثوابا لورود الحث عليه

(قوله وسأخبركم كيف بدء الغسل الخ) أى سأبين لكم سبب ابتداء مشروعية غسل الجمعة وهو أن الصحابة كانوا مجهودين أى واقعين في الجهد والمشقة لتحصيل معاشهم لعدم وجود الخدم وكان مسجدهم ضيقا أى طولا وعرضا فكان سبعين ذراعا في ستين وكان له ثلاثة أبواب ولم يسطحوه فشكوا الحرّ فجعلوا خشبه وسواريه جذوع النخل وظللوه بالجريد ثم بالخوص ثم طينوه وكان ارتفاعه قامة وشبرا وبقى كذلك إلى خلافة عمر فزاد فيه وبناه باللبن والجريد ثم زاد فيه عثمان وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والجصّ وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج

(قوله إنما هو عريش) بفتح العين المهملة وهو ما يستظل به أى أن سقفه كان من الجريد والسعف كما تقدّم

(قوله حتى ثارت منهم رياح) أى هاجت وظهرت من أجسادهم رياح كريهة يقال ثار يثور ثورا وثورانا إذا انتشر وظهر

(قوله فلما وجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الخ) أى أحسّ بتلك الريح الكريهة أو وجد أثرها من الأذى

(قوله من دهنه وطيبه) بضم الدال المهملة هو ما يدّهن به من الزيت ودهن السمسم وغيرهما من الأدهان المطيبة وكذا الطيب يتناول سائر أنواع الطيب كالمسك والعنبر والمراد دهن الشعر وتطييب سائر البدن

(قوله ثم جاء الله تعالى ذكره بالخير) أى المال وأتى بثم للدلالة على التراخى في الزمان لأنهم مكثوا مجهودين مدّة طويلة ثم فتح الله تعالى مصر والشام والعراق على أيدى الصحابة وكثرت أموالهم وعبيدهم فغيروا اللبس والبناه وغير ذلك. وفى ثم أيضا دلالة على التراخى في الرتبة لأن أحوال جهدهم كانت منبئة عن عدم ظهور الإسلام بخلاف أحوال سعتهم فإنها منبئة عن ظهوره وليس المراد أن الغنى خير من الفقر حتى يكون الشكر أفضل من الصبر فإن الجمهور على خلافه

(قوله وكفوا العمل) بالبناء للمفعول مخففا أى أغناهم الله تعالى عن العمل باستغنائهم أو بإعطائهم الخدم. يقال كفاه الله يكفيه إذا أغناه. وظاهر كلام ابن عباس أن الغسل كان في أول الإسلام واجبا لدفع الإيذاء بالريح الكريهة حينئذ ثم لما زال سبب الإيذاء نسخ وجوبه وبه إن صح يجمع بين الأحاديث السابقة (قال) الطحاوى بعد رواية ابن عباس فهذا ابن عباس يخبر أن الأمر الذى أمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم به لم يكن للوجوب عليهم وإنما كان لعلة ثم ذهبت تلك العلة فذهب وجوب الغسل وهو احد من روى عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنه كان يأمر بالغسل اهـ

(فقه الحديث) دلّ الحديث على طلب الغسل يوم الجمعة، وعلى أنه يطلب ممن أراد المسجد أو مجالسة الناس أن يتجنب الريح الكريهة في جسده وثوبه

(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه الطحاوى في شرح معاني الآثار والحاكم وكذا البيهقى

<<  <  ج: ص:  >  >>